ومن استعمالها في المعنى الثالث هو قوله تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَ أَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ* هُدىً وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ[2] فلا يبعد أن يكون المراد بها هو الوراثة الشاملة للمعنويّة اللدنّية للكتاب، وإسنادها لعموم بني إسرائيل بلحاظ المصطفَين منهم، نظير قوله تعالى: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ[3].
شواهد الوراثة الشاملة للّدنّية:
أمّا الشواهد على إرادة الوراثة العامّة الشاملة للمعنويّة اللدنّية في الآيات المبحوث عنها فهي:
الشاهد الأوّل: تخصيص هذه الوراثة بالمصطفَين ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الدالّ على أنّ الوارث في هذه الوراثة يشترط فيه أهلية خاصّة، وأنّه- كما سيأتي في بقيّة المفردات- هو السابق في كلّ الامور بالخيرات الوارد في هذه الآيات، بتسديد وإذن خاص من اللَّه تبارك وتعالى، والسابق هو الشاهد على أعمال العباد.
وهذه الشهادة مقام ملكوتيّ يتمكّن بسببه من الإحاطة بكتاب الأبرار، وكتاب أعمال العباد.