وآية ثالثة مُرتبطة بنفس هاتين الآيتين اللَّتَين مؤدّاهما حديث الثقلين: (بِالْبَيِّناتِ وَ الزُّبُرِ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [1]، وَمِنْ الواضح أنَّ تبيين القُرْآن مِنْ وظائف القُرْآن، وَمِنْ وظائف القُرْآن أنَّهُ يُبيِّن للناس عَلَى مَرَّ العصور إلى يَوُم القيامة، وَالقُرْآن الكريم يوكل عهدة التبيان إلى الجانب الإلهي: (إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) وَقَدْ بيَّن مَنْ هُمْ لديهم البيان: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ).

وَهَذَا المفاد مِنْ ورود مؤدّى حديث الثقلين فِي الآيات أشارت إليه روايات أهل البيت (عليهم السلام)، وَهَذِهِ الإشارة كَمَا يُقَال يكفي فيها أنَّها إشارة إرشادية عقلية ولا حاجة فيها للتعبّد.

دلالة حديث الثقلين عَلَى العلم اللدني

هُنَاك آيات أُخرى أيْضَاً تُشير لحديث الثقلين، ولا يظن الباحث أنَّ الدخول فِي حديث الثقلين هُوَ دخول فِي بحث مُعترض لا صلة لَهُ بالمبحث، بَلْ هَذَا المبحث لَهُ صلة وثيقة مَعَ حديث الثقلين فِي القُرْآن، وَهُوَ علم الإمام، أو المسألة الأصلية الَّتِي نُريد أنْ نُركِّز عَلَيْهَا فِي علم الإمام، هِيَ العلم اللّدُنّي، وَهِيَ أنَّ آيات مفاد حديث الثقلين فِي القُرْآن الكريم دالّة عَلَى عُمدة علم الإمام، وَأنَّهُ علم لدُنّي، كَمَا سُنبيِّن فيما بَعْدَ.

[1] سورة النحل: الآية 44.