2- و إن الباحثين ليعلمون بالبداهة تقدّم الشيعة في تدوين العلوم على من
سواهم[1]إذ لم يتصد لذلك في
العصر الأول غير علي و أولو العلم من شيعته، و لعل السر في ذلك اختلاف الصحابة في
إباحة كتابة العلم و عدمها، فكرهها- كما عن العسقلاني في مقدمة فتح الباري و غيره-
عمر بن الخطاب و جماعة آخرون، خشية أن يختلط الحديث في الكتاب[2]،
و أباحها «علي» و خلفه «الحسنالسبط المجتبى» و جماعة من الصحابة، و بقي الأمر على هذه الحال حتى
أجمع أهل القرن الثاني في آخر عصر التابعين على إباحته، و حينئذ ألّف ابن جريح
كتابه في الآثار عن مجاهد و عطاء بمكة، و عن الغزالي أنه أول كتاب صنّف في
الإسلام، و الصواب أنه أول كتاب صنفه غير الشيعة من المسلمين، و بعده كتاب معتمر
بن راشد الصنعاني باليمن، ثم موطأ مالك، و عن مقدمة فتح الباري: أن الربيع بن صبيح
أول من جمع، و كان في آخر عصر التابعين، و على كل فالإجماع منعقد على أنه ليس لهم
في العصر الأول تأليف[3].
[1]تقدم الشيعة في تدوين العلوم. راجع تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام
للسيد الصدر ط شركة النشر و الطباعة المحدودة في العراق، الشيعة و فنون الإسلام له
أيضا ط في إيران، الإمام الصادق و المذاهب الأربعة: ج 4 ص 546- 555.
[2]كراهية عمر لتدوين الحديث. راجع تنوير الحوالك شرح موطأ مالك: ج 1
ص 4، الإمام الصادق و المذاهب الأربعة: ج 1 ص 543.
[3]لأنهم يقولون: إن تدوين العلم ابتدأ من عهد عمر بن عبد العزير، و
الصحيح أنه لم يدون أحد منهم في عهده.
راجع تنوير الحوالك شرح موطأ مالك: ج 1 ص 5، الإمام الصادق و
المذاهب الأربعة: ج 1 ص 544 ط بيروت، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: ص 278.