بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه، و الصلاة و السلام على رسول
اللّه الأمين و آله و صحبه المنتجبين.
لا زال الحوار الهادئ الذي يعتمد الأدلة الموضوعية هو الأساس في
تناول اختلاف الآفاق الفكرية و العقائدية عند بني البشر، و قد حثّ القرآن الكريم
على اعتماد هذا الأسلوب بقوله تعالى:وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[1].
(فالتي هي أحسن): هي الكلمة الهادفة التي تريد أن تثبت حقيقتها
للآخرين بعيدا عن اسلوب الإرهاب الفكري و الاضطهاد العلمي.
(و التي هي أحسن): هي الوسيلة الخلقية
التي يمكن أن نسمع بها آراء الآخرين، كما يمكن للآخرين أن يسمعوا بها آراءنا، حتى
نكون منالَّذِينَ
يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ[2].
إن قضية الاختلاف بين المذاهب الإسلامية عموما، قضية باتت تؤرّق
أصحاب الهمم و علماء الامة المخلصين، الذين يعزّ عليهم أن يروا أمّة محمد صلّى
اللّه عليه و آله و سلم تعبث بها أنياب التعصب و تتناهبها خطوات الابتعاد، فلا
نعدم بين حين و حين، نهضة مصلح و دعوة إمام و حركة أمّة، تريد أن تقرّب أبناء
المسلمين و تحاول أن تضيّق دائرة الخلاف بينهم.
و إنّ من بين أهم هذه المحاولات هي المحاولة الرائدة التي قام بها
علمان من أعلام المسلمين هما الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين