قدسيّ حكمته البالغة، فإن اللّه سبحانه يقول:إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ
قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ* وَ لا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ*
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ[1]و لو أراد مجرد بيان فضله و الرد على المتحاملين عليه، لقال: هذا ابن
عمي و صهري و أبو ولدي، و سيد أهل بيتي، فلا تؤذوني فيه، أو نحو ذلك و الأقوال
الدالة على مجرد الفضل و جلالة القدر، على أن لفظ الحديث[2]لا يتبادر إلى الأذهان منه إلّا ما قلناه، فليكن سببه مهما كان، فإن
الألفاظ إنما تحمل على ما يتبادر إلى الأفهام منها، و لا يلتفت إلى أسبابها كما لا
يخفى.
و أما ذكر أهل بيته في حديث الغدير، فإنه من مؤيدات المعنى الذي
قلناه، حيث قرنهم بمحكم الكتاب، و جعلهم قدوة لأولى الألباب، فقال: «إنيتارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي»،
و إنما فعل ذلك لتعلم الأمة أن لا مرجع بعد نبيها إلّا إليهما، و لا معوّل لها من
بعده إلّا عليهما، و حسبك في وجوب اتّباع الأئمة من العترة الطاهرة اقترانهم بكتاب
اللّه عزّ و جلّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، فكما لا يجوز
الرجوع إلى كتاب يخالف في حكمه كتاب اللّه سبحانه و تعالى، لا يجوز الرجوع إلى
إمام يخالف في حكمه أئمة العترة[3]و قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنهمالن ينقضيا أو لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» دليل على أن الأرض لن
تخلو بعده من إمام منهم، هو عدل الكتاب، و من تدبر الحديث وجده يرمي إلى حصر
الخلافة في أئمة العترة الطاهرة، و يؤيد ذلك ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده[4]عن زيد بن ثابت،