بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هذه صحف لم تكتب اليوم، و فكر لم تولد
حديثا و إنما هي صحف انتظمت منذ زمن يربو على ربع قرن، و كادت يومئذ أن تبرز
بروزها اليوم، لكنّ الحوادث و الكوارث كانت حواجز قوية عرقلت خطاها، فاضطرتها إلى
أن تكمن و تكنّ، فتريّثت تلتمس من غفلات الدهر فرصة تستجمع فيها ما تشتّت من
أطرافها، و تستكمل ما نقص من أعطافها، فان الحوادث كما أخّرت طبعها، مسّت وضعها.
أما فكرة الكتاب فقد سبقت مراجعاته سبقا بعيدا، إذ كانت تلتمع في
صدري منذ شرخ الشباب، التماع البرق في طيّات السحاب، و تغلي في دمي غليان الغيرة،
تتطلع إلى سبيل سوي يوقف المسلمين على حدّ يقطع دابر الشغب بينهم، و يكشف هذه
الغشاوة عن أبصارهم، لينظروا إلى الحياة من ناحيتها الجدية، راجعين إلى الأصل
الديني المفروض عليهم، ثم يسيروا معتصمين بحبل اللّه جميعا، تحت لواء الحق إلى
العلم و العمل، إخوة بررة يشدّ بعضهم أزر بعض.