مسئولون[1]،فما ذا أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بلّغت و جاهدت و نصحت،
فجزاك اللّه خيرا، فقال: «أليس تشهدون أن لا إله إلا اللّه، و
أن محمدا عبده و رسوله، و أن جنته حق، و أن ناره حق، و أن الموت حق، و أن البعث حق
بعد الموت، و أن الساعة آتية لا ريب فيها، و أن اللّه يبعث من في القبور؟» قالوا:
بلى نشهد بذلك[2]،قال: اللهم اشهد، ثم قال: «ياأيها الناس، إن اللّه مولاي و أنا مولى المؤمنين و أنا أولى بهم من
أنفسهم[3]فمن كنت مولاه،
فهذا مولاه- يعني عليا- اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه»، ثم قال: يا أيها
الناس، إني فرطكم، و إنكم واردون على الحوض؛ حوض أعرض مما بين بصرى إلى صنعاء، فيه
عدد النجوم قدحان من فضة، و إني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، كيف تخلّفوني
فيهما، الثقل الأكبر كتاب اللّه عزّ و جلّ، سبب طرفه بيد اللّه تعالى، و طرفه
بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا و لا تبدلوا، و عترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني
اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا
ليعلموا أنه مأمور بذلك و مسئول عنه، فلا سبيل له إلى تركه. و قد
أخرج الإمام الواحدي في كتابه أسباب النزول بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري، قال:
نزلت هذه الآية:يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ
رَبِّكَيوم غدير
خم في علي بن أبي طالب. (منه قدّس سرّه).
[1]لعلّه أشار بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «وإنكم مسئولون»، إلى ما أخرجه الديلمي و غيره كما في الصواعق و
غيرها، عن أبي سعيد أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: «وقفوهم إنهم مسئولون عن ولاية علي»، و قال الإمام الواحدي:
إنهم مسئولون عن ولاية علي و أهل البيت، فيكون الغرض من قوله: «وإنكم مسئولون»، تهديد أهل الخلاف لوليه و وصيه. (منه قدّس سرّه).
[2]تدبر هذه الخطبة من تدبرها، و أعطى التأمل فيها حقه، فعلم أنها
ترمي إلى أن ولاية علي من اصول الدين كما عليه الإمامية، حيث سألهم أولا، فقال: «أليس تشهدون أن لا إله إلّا اللّه و أن محمدا عبده و رسوله؟» إلى أن
قال: «وأن الساعة آتية لا ريب فيها، و أن اللّه يبعث من في القبور»، ثم
عقب ذلك بذكر الولاية ليعلم أنها على حد تلك الامور التي سألهم عنها فأقرّوا بها،
و هذا ظاهر لكل من عرف أساليب الكلام و مغازيه من اولي الأفهام. (منه قدّس سرّه).
[3]قوله: «وأنا أولى»، قرينة لفظية، على أن
المراد من المولى إنما هو الأولى، فيكون المعنى: أن اللّه أولى بي من نفسي و أنا
أولى بالمؤمنين من أنفسهم، و من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه.