نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 191
استعير اللفظ الدال على المشبه به و هو «السهم» للمشبه
و هو «الطرف» على سبيل الاستعارة التصريحية
الأصلية. و القرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي لفظية و هي «الكحل».
و إذا تدبرنا هذه الاستعارة التي استوفت قرينتها رأينا أنّه قد اقترن
بها ملائم للمشبه به «السهم» و هو «الريش»، و كذلك ملائم للمشبه «الطرف» و
هو «الكحل». و لهذا السبب الذي يتمثل في
اقتران الاستعارة بما يلائم المشبه به و المشبه معا تسمى الاستعارة أيضا «مطلقة».
و هكذا يتضح من تحليل الاستعارة في الأمثلة السابقة أيضا أنّ
الاستعارة مطلقا إذا استوفت قرينتها يقال لها استعارة «مطلقة» في
حالين:
الأولى إذا خلت من ملائمات المشبه به و المشبه، و الثانية إذا ذكر
معها ما يلائمها معا.
هذا و تجدر الإشارة هنا إلى أنّ الترشيح أبلغ من التجريد و الإطلاق،
لاشتماله على تحقيق المبالغة في الاستعارة، و لهذا كان مبنى الترشيح على أساس
تناسي التشبيه و التصميم على إنكاره إلى درجة استعارة الصفة المحسوسة للمعنوي و
جعلها كأنّها ثابتة لذلك المعنوي حقيقة، و كأنّ الاستعارة لم توجد أصلا، و ذلك كقول
أبي تمام:
و يصعد حتى يظن الجهول
بأنّ له حاجة في السماء
فقد استعار لفظ العلو المحسوس لعلو المنزلة، و وضع الكلام وضع من
يذكر علوا مكانيا، و لو لا أنّ قصده أن يتناسى التشبيه و يصمم على إنكاره فيجعله
صاعدا في السماء من حيث المسافة المكانية لما كان لهذا الكلام وجه[1].