نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 129
لا تتأتى الإجادة أو الإبداع فيه إلا لمن توافرت له أدواته، من لفظ و
معنى و صياغة، و من سموّ خيال و رهافة حسّ، و من براعة في تشكيل صور التشبيه على
نحو يبثّ فيها الحركة و يمنحها الجمال و التأثير.
و من أجل ذلك يقال: إن التشبيه بين ألوان البلاغة ممعن في الترف،
كثير الأناقة، شديد الحساسية، رقيق المزاج، و أيّ تهاون فيه يعيبه، و يخرجه من
الحسن إلى القبح.
و هذا القبح أنواع كثيرة، منها ما يرجع إلى اللفظ أو المعنى أو
الصياغة أو الخيال أو الأصول البلاغية التي يبنى عليها التشبيه.
فمن الأصول البلاغية أن يشبّه الشيء بما هو أكبر و أقوى منه، فيشبه
الحسن مثلا بالأحسن، و القبيح بالأقبح، و البينّ الواضح بما هو أبين و أوضح منه، و
إلا كان التشبيه ناقصا.
و طبقا لذلك يقول ابن الأثير: «ومن ههنا غلط بعض الكتاب من أهل مصر في ذكر حصن من حصون الجبال مشبّها
له فقال: هامة عليها من الغمامة عمامة، و أنملة[1]خضبها الأصيل فكان الهلال منها
قلامة.
و هذا الكاتب حفظ شيئا و غابت عنه أشياء، فإنه أخطأ في تشبيه الحصن
بالأنملة، أي مقدار للأنملة بالنسبة إلى تشبيه حصن على رأس جبل؟».
ثم يستطرد ابن الأثير: «فإنقيل إن هذا الكاتب تأسى فيما ذكره بكلام اللّه تعالى حيث قال: و
القمر قدّرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم. فمثل الهلال بأصل عذق النخلة. و
الجواب أنه شبّه الهلال في
[1]الأنملة بتثليث الهمزة مع تثليث الميم: مفصل
الإصبع الذي فيه الظفر، و قيل الأنامل:
رؤوس الأصابع، و القلامة: طرف الظفر المقلوم.
نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 129