نام کتاب : شرح كتاب سيبويه نویسنده : السيرافي، ابو سعید جلد : 3 صفحه : 144
و ستقف على شرح هذا في موضعه إذا بلغنا إليه إن شاء اللّه.
و الكوفيّون يجيزون العطف بغير توكيد، و الأمر في ترك التوكيد عندهم
أسهل منه عند البصريين، و سيبويه يرى ترك التوكيد و ما يقوم مقامه قبيحا إلا في
الشّعر، و الكوفيّون لا يرونه قبيحا. و مما ينشد في ذلك غير البيتين اللذين
ذكرناهما قول جرير:
و أمّا توكيد الضمير المتّصل المرفوع بالنفس فلا يحسن حتى تقدّم قبل
النفس توكيدا؛ لا يحسن: فعلت نفسك حتى تقول: فعلت أنت نفسك. و إنّما احتاجت إلى
تقديم توكيد قبلها لأنها اسم يتصرف، و تقع في جميع مواضع الأسماء، و يؤكّد بها،
فيعرض في بعض مواضع توكيد المرفوع لبس إن لم يؤكد، و ذلك أن تقول: هند خرجت نفسها،
فتكون نفسها فاعلة خرجت، كما تقول: هند خرجت جاريتها، و ليس في خرجت ضمير، و يجوز
أن تقول: هند خرجت نفسها، على أنّ هندا هي الخارجة، و في خرجت ضميرها فلا يتبيّن
أن معناها: خرجت هند، أو خرجت نفس هند، و معناهما مختلف في مقاصد الناس، فإذا
أكّدوا قبل النفس فقالوا: هند خرجت هي نفسها زال اللّبس؛ فلذلك اختاروا التوكيد.
و قول سيبويه:" و لمّا كانت نفسك يتكلّم بها مبتدأة و تحمل على
ما يجرّ و ينصب و يرفع، شبّهوها بما يشرك المضمر".
قال أبو سعيد:أراد سيبويه الفصل بين أجمعين و بين نفسك؛ فلأن أجمعين لا يكون إلا
توكيدا لم يحتج إلى تقدّم ضمير، و لمّا كانت النفس اسما يتصرف شبّهت بما يعطف من
الأسماء على الضمير.
قال أبو سعيد: و الذي عندي: شبهوها بما لا يشرك المضمر؛ لأنه إنما
يحتجّ لاحتياجهم إلى التوكيد قبل ذكر النفس، فالنفس في ذلك بمنزلة المعطوف على
ضمير المرفوع في باب التوكيد.
و أمّا المنصوب و المخفوض فإذا أكّدا بالنفس لم يحتج إلى تقدمة توكيد
قبلها و ذلك من جهتين: