يحتمل أن يكون مدحا، و يكون التقدير: و هم الموفون بعهدهم فإذا كان
كذلك، كان نصب الصابرين على وجهين:
أحدهما: العطف على ذوي القربى.
و الآخر: أن يكون على المدح بإضمار (أذكر).
و الوجه الآخر من رفع الموفون: أن يكون عطفا على من آمن باللّه، فإذا
ارتفع بذلك كان نصب الصابرين على المدح لا غير، و لا يجوز أن ينصب بالعطف على ذوي
القربى، لأن ذوي القربى في صلة من آمن باللّه، لأنّ (آتى) معطوف على آمن، و لا
يجوز أن يعطف الموفون على (من) إلا بعد تمام صلته فيصير (و الصابرين) منقطعا عن
الصلة، و أنشد قول الخرنق في رفع المدح و نصبه، و هو:
(و زعم يونس: أن العرب من يقول: النازلون بكل معترك و الطيبين، فهذا
مثل:
و الصابرين، و من العرب من يقول: الطاعنون في القائلين، فنصبه كنصب
الطيبين إلا أنّ هذا شتم لهم و ذم، كما أن الطيبين مدح لهم و تعظيم، و إن شئت
أجريت هذا كله على الاسم الأول، و إن شئت ابتدأته جميعا فكان مرفوعا على الابتداء.
كل هذا جائز في ذين البيتين و ما أشبههما، كل ذلك واسع.