(نحو:
كارمني فكرمته أكرمه) أي غلبته في الكرم أغلبه
(إلّا باب:
- «نصر» قصدا للمغالبة.
قال ابن جنّيّ في «الخصائص»: و
فصل للعرب طريف: و هو إجماعهم على مجيء عين مضارع «فعلت» إذا كانت من «فاعلني»
مضمومة البتّة. و ذلك نحو قولهم: «ضاربني، فضربته»، أضربه» و «عالمني، فعلمته،
أعلمه» و «عاقلني، فعقلته، أعقله» و «كارمني، فكرمته، أكرمه» و «فاخرني، ففخرته،
أفخره» و «شاعرني، فشعرته، أشعره» و حكى الكسائيّ: «فاخرني، ففخرته، أفخره»- بفتح
الخاء- و حكاها أبو زيد «أفخره»- بالضمّ- على الباب، كلّ هذا إذا كنت أقوم بذلك
الأمر منه.
و وجه استغرابنا له أن خصّ
مضارعه بالضمّ. و ذلك أنّا قد دللنا على أنّ قياس باب مضارع «فعل» أن يأتي بالكسر،
نحو: «ضرب، يضرب» و بابه، و أرينا وجه دخول «يفعل» على «يفعل» فيه، نحو: «قتل،
يقتل» و «نخل، ينخل» فكان الأحجى به هنا إذا أريد الاقتصار به على أحد وجهيه أن
يكون ذلك الوجه هو الذي كان القياس مقتضيا له في مضارع «فعل» و هو «يفعل» بكسر العين.
و ذلك أنّ العرف و العادة إذا أريد الاقتصار على أحد الجائزين، أن يكون ذلك
المقتصر عليه هو أقيسهما فيه. و إذا كان الأمر كذلك فقد وجب البحث عن علّة مجيء
هذا الباب في الصحيح كلّه بالضمّ نحو: «أكرمه» و «أضربه» و علّته عندي أنّ هذا
موضع معناه الاعتلاء و الغاية فدخله بذلك معنى الطبيعة و النحيزة التي تغلب و لا
تغلب، و تلازم و لا تفارق، و تلك الأفعال بابها «فعل، يفعل» نحو: «فقه، يفقه» إذا
أجاد الفقه- فلمّا كان قولهم: «كارمني، فكرمته، أكرمه» و بابه صائرا إلى معنى
«فعلت، أفعل» أتاه الضمّ من هناك فاعرفه.
فإن قلت: فهلّا لمّا دخله هذا
المعنى تمّموا فيه الشّبه، فقالوا: «ضربته»، أضربه» و نحو ذلك؟ قلت: منع ذلك أنّ
«فعلت» لا يتعدّى إلى المفعول به أبدا، و «يفعل» قد يكون في المتعدّي كما يكون في
غيره فلم يمنع من المضارع ما منع من الماضي، فأخذوا منهما ما ساغ و اجتنبوا ما لم يسغ،
انتى بتغيير و اختصار مّا. [الخصائص 2: 223- 226]
[1] و الأولى أن يأتي بالمثال من قول عمر بن الخطّاب فإنّه أيضا من
المغالبة نحو: «فاضلت-