مكان يجمع ، وههنا بحث ، وهو أنّ كلا من اسميّ الفاعل والمفعول قد يكون
بمعنى الاستقبال وإن لم يكن ذلك بحسب أصل الوضع ، فيكون كلّ منهما ههنا واقعا في
موقعه واردا على حسب مقتضى الظّاهر ، والجواب (١) أنّ كلا منهما حقيقة فيما تحقّق
فيه وقوع الوصف وقد استعمل ههنا فيما لم يتحقّق مجازا تنبيها على تحقّق وقوعه. [ومنه]
أي ومن خلاف مقتضى الظّاهر [القلب (٢)] وهو أن يجعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر ،
والآخر مكانه [نحو : عرضت النّاقة على الحوض] مكان عرضت الحوض على النّاقة ، أي
أظهرته عليها لتشرب (٣) [وقبله] أي القلب [السّكّاكي مطلقا (٤)] وقال : إنّه ممّا
يورث الكلام ملاحة (٥). [وردّه غيره] أي غير السّكّاكي [مطلقا (٦)] لأنّه عكس
المطلوب ونقيض المقصود.
(١) حاصل
الجواب : إنّا لا نسلّم أنّه إذا استعمل أحدهما بمعنى الاستقبال على خلاف الوضع
يكون واقعا موقعه ، بل هو واقع على خلاف مقتضى الظّاهر.
(٢) هو نظير
العكس في علم المنطق ، والنّسبة بينهما عموم وخصوص مطلق ، لأنّ العكس على ما في
المنطق هو تبديل طرفيّ القضيّة لا غير ، والقلب أعمّ من ذلك ، لأنّه كما أشار إليه
بقوله : «أن يجعل أحد أجزاء الكلام ...» سواء كان طرف القضيّة أم لا ، «مكان الآخر
والآخر مكانه».
(٣) لأنّ
المعروض عليه يجب أن يكون له إدراك يميل به إلى المعروض.
(٤) أي سواء
تضمّن القلب اعتبارا لطيفا أو لا ، واعتبر المصنّف فيه اعتبارا لطيفا ، وقيل :
إنّه مردود مطلقا ، لأنّ فيه إغلالا لا يفهم المراد ظاهر.
(٥) أي حسنا
وزينة.
(٦) أي سواء
كان فيه اعتبار لطيف أم لا ، كما نسب إلى ابن مالك ، والحاصل : إنّ في القلب ثلاث مذاهب :
أحدها
: إنّه مقبول
مطلقا ، كما ذهب إليه السّكّاكي.
والثّاني : إنّه مردود مطلقا ، كما نسب إلى ابن مالك.
والثّالث : إنّه إن تضمّن اعتبارا لطيفا قبل ، وإلّا فلا ، كما
يظهر من المصنّف.