على حدوث الارتياب في المستقبل ، ولهذا (١) زعم الكوفيّون أنّ إن ههنا بمعنى
إذ ونصّ المبرّد والزّجاج على أنّ إن لا تغلب ـ كان ـ على معنى الاستقبال (٢) لقوة
دلالته (٣)
فيصحّ استعمال إن من دون حاجة إلى التّغليب المستلزم للإشكال المذكور ،
وأما تزييف هذا الجواب فلأنّ إن الشّرطيّة تقلب الفعل الماضي إلى الاستقبال ، إن
لم يكن الفعل الواقع بعدها كان ، وإلّا بقي على مضيّه والفعل الواقع بعدها في
الآية هو كان ، أي (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي
رَيْبٍ).
(١) أي ولأجل
كون المعنى ليس على حدوث الارتياب في المستقبل ، اعتقد «الكوفيّون أنّ إن ههنا» ،
أي في الآية» بمعنى إذ» التّي لا تدلّ على الاستقبال بوجه ، لأنّ إذ موضوع للماضي.
(٢) وحاصل ما
نصّ عليه المبرّد والزّجّاج من أنّ إن الشّرطيّة لا تقلب الأفعال النّاقصة ، كلفظ
كان إلى معنى الاستقبال ، لأنّ الحدث المطلق الّذي هو مدلول كان يستفاد من الخبر ،
فلا يستفاد منه إلّا الزّمان ، ومذهب المشهور أنّ لفظة إن الشّرطيّة تقلب كان إلى
الاستقبال ، كغيرها من الأفعال الماضيّة ، وهو الصّحيح عند بعضهم ، قال العلّامة
الدّسوقي : كان الأولى تقديم قوله : «ونصّ المبرّد ...» على قوله : «ولهذا» ، لأنّ
هذا دليل للدّعوى ، وهي قوله : «وليس المعنى ههنا.
(٣) أي لقوّة
دلالة لفظ كان على المضيّ لا تقلبه كلمة إن إلى الاستقبال ، بخلاف سائر الأفعال
حيث لم تكن لها هذه القوّة ، لدلالتها على المصدر والزّمان ، لا على الزّمان فقطّ.
قال في المطوّل
: لأنّ الحدث المطلق الّذي هو مدلوله يستفاد من الخبر ، فلا يستفاد منه إلّا
الزّمان الماضي هذا ، ولكنّ الصّحيح مذهب المشهور والجمهور ، وهو أنّ كان الواقعة
بعد إن الشّرطيّة بمنزلة غيرها من الأفعال الماضية ، كما في قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)[١].