[أو تغليب (١) غير المتّصف به] أي بالشّرط [على المتّصف به] ، كما إذا كان
القيام قطعيّ الحصول لزيد ، غير قطعيّ لعمرو ، فنقول (٢) : إن قمتما كان كذا ، [وقوله
تعالى للمخاطبين المرتابين : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي
رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا)[١] يحتملهما] أي يحتمل أن يكون للتّوبيخ (٣) ، والتّصوير
المذكور (٤) ، وأن يكون لتغليب غير المرتابين على المرتابين (٥) ، لأنّه كان في
المخاطبين من يعرف الحقّ وإنّما ينكره عنادا ، فجعل
(١) أي قد
يستعمل إن في مقام الجزم بوقوع الشّرط ، بعد تغليب غير المتّصف بالشّرط على
المتّصف به.
(٢) تقول لهما
: إن قمتما كان كذا ، تغليبا لغير القطعيّ وهو قيام عمرو ، على القطعيّ ، وهو قيام
زيد ، فيجعل الجميع غير قطعيّ ، فيصلح المحلّ لإن.
(٣) أي توبيخ
المخاطبين على الارتياب في نبوّة نبيّنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي كون القرآن من عند الله جلّ جلاله.
(٤) أي وتصوير
أنّ الارتياب ممّا لا ينبغي أن يصدر من عاقل إلّا على سبيل الفرض ، كما يفرض
المحال ، لاشتمال المقام على ما يزيله ، وهي الآيات والمعجزات الدّالّة على أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم نبيّ ، والقرآن منزّل من عند الله تعالى ، فصار
الارتياب بمنزلة المستحيل ، ثمّ نزّل ذلك المستحيل منزلة ما لا قطع بعدمه ، ولا
بوجوده ، وهو المشكوك فيه ، فلذا استعمل فيه إن.
(٥) أي يكون
استعمال إن فيه لتغليب غير المرتابين من المخاطبين على المرتابين منهم ، والأوّل
من يعرف الحقّ يعني كون محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم نبيّنا ، والقرآن من عند الله سبحانه وتعالى ، إلّا
أنّه كان ينكره عنادا ، فيكون قوله : «لأنّه كان في المخاطبين من يعرف الحقّ ...»
تعليلا لقوله : «غير المرتابين» ، والثّاني من لا يعرف الحقّ ، وكان من المرتابين
لا ممّن شكّ في ريبه ، والحاصل أنّه جعل جميع المخاطبين كأنّه لا ارتياب لهم في
نبوّته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا في كون القرآن من عند الله تعالى ، فهم قاطعون
بذلك ، فلا يتصوّر منهم الارتياب ، لأنّ الاجتماع بينه وبين القطع محال ، فعدم
الارتياب كعدم سائر المحالات مقطوع به ، فالمتحصّل من التّغليب نفي الارتياب رأسا
، بحيث لا يحتمل في حقّهم الارتياب أصلا.