و اعلم أن الفعل المضارع إنما يرتفع عند أهل البصرة بوقوعه موقع
الاسم[1]، و سواء كان الاسم مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا كقولك في المرفوع: زيد
يقوم، و هو في موضع زيد قائم، فأما المنصوب فنحو قولك: كان زيد يقوم في موضع:
كان زيد قائما، و أما المجرور فنحو قولك: مررت برجل يقوم، فهو في
موضع مررت برجل قائم.
و إنما استحق الرفع لوقوعه موقع الاسم لوجهين:
أحدهما: بأن وقوعه موقع الاسم معنى و ليس بلفظ[2]، و هو مع ذلك متجرد من العوامل
اللفظية فمن حيث استحق المبتدأ الرفع أعطي الفعل في هذا الموضع الرفع.
و الوجه الثاني: هو أن الفعل له ثلاثة أحوال:
أحدها: أنه يقع موقع الاسم وحده كقولك: زيد يقوم، و هو في موضع قائم.
و الثاني: أنه يقع موقع الاسم مع غيره كقولك: أريد أن تذهب، فهو
بمنزلة أريد ذهابك.
و الحالة الثالثة: ألا يقع موقع الاسم بنفسه و لا مع غيره كقولك: إن
تأتني
[1]قال سيبويه:" و حروف الإعراب للأسماء
المتمكنة، و للأفعال المضارعة لأسماء الفاعلين التي في أوائلها الزوائد
الأربع" الكتاب 1/ 13، 3/ 9- 10 (هارون).
و قال الزجّاجي:" و عرض لبعض الأفعال ما أوجب لها الإعراب
فأعربت، و تلك العلّة مضارعة الأسماء" الإيضاح 77.
[2]بيّن ذلك سيبويه فقال:" و يبيّن لك أنها
ليست بأسماء أنك لو وضعتها مواضع الأسماء لم يجز ذلك. ألا ترى أنك لو قلت: إنّ
يضرب يأيتنا، و أشباه هذا، لم يكن كلاما؟! إلا أنها ضارعت الفاعل لاجتماعهما في
المعنى" الكتاب 1/ 14 (هارون).