و أما ما كان آخره مشددا نحو أصمّ، و مدقّ[1]، فإنما جاء وقوع الحرف المدغم بعد
ياء التصغير لأنها لا تكون إلا ساكنة، فإذا انفتح ما قبلها و قد جرت في بابها مجرى
ألف الجمع كما أن الساكن المدغم يقع بعد ألف الجمع فكذلك يجوز أن يقع بعد ياء
التصغير، و إنما ساغ ذلك لأن المدغم ترفع به لسانك رفعة واحدة مكان الساكن
كالمختلط المتحرك، و صار المدغم و ما قبله كالحركة، فلذلك جاز الجمع بينهما و إن
كان لا يجوز الجمع بين ساكنين في غير هذا لخروجه عن حكم علته إن شاء اللّه و قد
أتينا على شرح الباب فاعرفه.
باب العدد
اعلم أن القياس كان في الواحد و الاثنين من الأعداد أن يضافا فيقال:
عندي واحد رجال، و اثني رجال، كما يقال: ثلاثة رجال، إلا أنهم أسقطوا الإضافة من
الواحد و الاثنين لأن الواحد ينبئ عن نوعه و عدده و كذلك الاثنان، كقولك:
جاءني رجل، و رجلان، فلما كان لفظ رجل و رجلين ينبئ عن العدد و النوع
استغني بلفظ واحد عن لفظين و قد جاء في الشعر[2]:
كأنّ خصييه من التدلدل
ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل
و كان حقه أن يقول: فيه حنظلتان، فاضطر إلى ما ذكرنا، و شبهت الاثنان
بالثلاثة لأنهما جمع في المعنى، و لم يجز ذكر العدد مفردا كقولك: ثلاثة و أربعة
لأنه لا يعلم من أي نوع هو أعني العدد فوجب أن يذكر العدد مضافا إلى النوع لتقع
الفائدة للمخاطب إذ الغرض ذكرهما جميعا.
[2]اختلف في نسبة هذا الرجز، فنسب إلى خطام
المجاشعي، و إلى جندل بن المثنى و إلى سلمى الهذلية و غيرهم، و البيتان في الكتاب
3/ 569- 624، و في المقتضب 2/ 156، شرح أبيات إصلاح المنطق 341، و شرح أبيات
سيبويه لابن السيرافي 2/ 361، و أمالي ابن الشجري 1/ 28، و في المساعد 2/ 71، و في
شرح المفصل 6/ 18- 4/ 143- 144، و في شرح الكافية 311، و في الارتشاف 1/ 358، و في
الهمع 4/ 74، و في الخزانة 7/ 400.