مستقرة في الاستعمال فصارت في التسمية كالمستعارة فلذلك جاز أن يحكى
حاله فكان التقدير: أنا ابن الذي يقال له جلا الأمور و كشفها.
و الوجه الثاني: أن تقدر في (جلا) ضميرا، و إذا قدر فيه ضمير لم تجز
فيه إلا الحكاية لأنه جملة، و التسمية بالجمل لا تجوز فيها إلا الحكاية، فإن سميت
رجلا ب (قيل) و (رد) صرفته؛ لأنه و إن كان في الأصل وزنه فعل فالكسرة في وسطه قد
زالت، و خرج إلى نظير الأسماء نحو: ديك، وبر، و الاعتبار في منع الصرف ثقل الفعل
فلما زال اللفظ الذي يختص باللفظ زال حكم الفعل، و الدليل على ذلك أنك لو سميت
رجلا مساجد لم تصرف لثقل اللفظ فلو صغرته انصرف لأنه يصير إلى لفظ مسجد/ فيزول عنه
الثقل الذي أوجب منع الصرف، و هو الشبه بالجمع و ليس كذلك ثقل التأنيث، لأنه لا
يعتبر في التأنيث ثقل لفظ المعنى فلذلك افترق حكم التأنيث و حكم الشبه بالفعل إذ
كان الفعل ليس له إلا حكم واحد و هو ثقل اللفظ.
و اعلم أن تقدير المعدول من باب (فعل) أن يكون المعدول عنه معرفة
نحو:
عمر من عامر، و زفر من زافر، عدل إلى هذا اللفظ للتخفيف فبقي حكم
التعريف الذي كان في الأصل[1]و لذلك لم ينصرف.
باب أسماء الأرضين
اعلم أن الأصل في أسماء البلدان التأنيث لغلبته عليها في كلامهم و
إنما يذكّر بعضها و قد ذكرنا ما يذكرونها، و إنما ساغ فيها هذا لأن تأنيثها ليس
بحقيقي و إنما تؤنث إذا ذهب بها مذهب البقعة و البلدة، فلما كانت البلدان كلها
يسوغ فيها هذان التقديران جاز أن يذكر و يؤنث.
و اعلم أن ما غلب في كلامهم تذكيره يجوز تأنيثه على ما ذكرنا [و][2]إذا