هذه الحروف بدل الإعراب و ذلك أنهم يطلبون هذه العلامة في الدرج فلو
أعربوا (من) لسقط إعرابها في الوقف إذ كان الإعراب لا يوقف عليه فعوضوا منه هذه
الحروف إذ كانت تقع دلالة على الإعراب في نحو قولك: أخوك و أخاك و أخيك.
فإن قال قائل: فلم جعلوا العلامة
في (من) و لم يأتوا بلفظ الرجل منصوبا فيقولوا: من رجلا، كما يقولون ذلك في
المعارف الأعلام؟
فالجواب عن ذلك أن النكرة لا تدل
على شخص بعينه، و تكررها يدل على أشخاص مختلفة لما ذكرناه أنها غير دالة على شخص
بعينه، ألا ترى أنك لو قلت:
رأيت رجلا و جاءني رجل، لكان
الظاهر أن يكون الذي جاءك غير الذي رأيته، فلو قالوا: من رجلا؟ لجاز أن يتوهم أن
المسؤول عنه رجل غير المذكور، فلذلك لم يأتوا بلفظ النكرة/ و جعلوا العلامة في
(من).
فأما المعارف الأعلام فجاز حكايتها
لأن الاسم العلم يدل على شخص بعينه و لو كرر فلذلك جاز حكايتها.
و اعلم أن هذه العلامات إذا لحقت
(من) في حال الإفراد و التثنية و الجمع و التأنيث فإنما تثبت في الوقف، فإذا وصلت
سقطت، و ذلك أنهم جعلوا ما اتصل بالكلام عوضا من هذه الزيادة لأن هذه العلامات
جعلت بدل الإعراب في الاستفهام، و ما كان من الإعراب إنما يثبت في الوصل دون الوقف
و كانت هذه العلامات قد أقيمت مقام الإعراب، فوجب أيضا أن تثبت في أحد الموضعين
فلذلك وجب إثباتها في الوقف إذ كان في الوصل قد وقع منها عوض.