معرفتين أو ما قاربهما، إذ كان قد دخل ليبين ما قبله و ما بعده فوجب
أن يكون ما قبله و ما بعده مجانسا له فلذلك لم يجز أن يكون ما قبله و ما بعده نكرة
محضة و لا أحدهما.
باب أيّ
اعلم أن (أيا) موضوعها أن تكون
جزءا مما تضاف إليه، و هو على كل حال مما يتجزأ كقولك: أيّ الرجال عندك؟ فهي في
هذه الحال من الرجال جزء، و إذا قلت: أي الثياب عندك؟ فهي في هذه الحال من الثياب،
و على هذا يجري حكمها في جميع ما يتجزأ، و قد بينا أن الاستفهام لا يعمل فيه ما
قبله، و إنما لم يحتج في الاستفهام إلى صلة لأن الصلة توضح الموصول و المستفهم لا
يعلم ما يستفهم عنه، فلذلك لم يجز أن توصل في الاستفهام، و كذلك الشرط و الجزاء لا
يجوز أن يكون معلوما لأنه مما يجوز أن يكون و يجوز ألا يكون فلم يحتج أيضا في
الجزاء إلى صلة.
و اعلم أنه لا يجوز أن يلي (أيا)
إذا كانت استفهاما من الأفعال إلا أفعال القلوب لأنك تحتاج أن تلغيها لأنه لا يجوز
أن يعمل في الاستفهام ما قبله، و خصت أفعال القلوب بذلك لأنها قد تلغى في الخبر
إذا توسطت بين المفعولين، و يكون معناها باقيا فلذلك جاز أن تدخل على الاستفهام و
لا تعمل فيه و يكون معناها باقيا، و أما الأفعال المؤثرة فإنه لا يجوز أن تدخل على
الاستفهام لأنك إن أدخلتها على الاستفهام وجب أن تعملها، و لا يجوز أن تعمل ما قبل
الاستفهام فيه فلا يجوز لذلك دخولها عليه.
فإن قال قائل: أ ليس من شرط العامل
أن يكون قبل المعمول فيه إذا قلت:
أيهم تضرب؟ فنصبت (أيا) بتضرب، و
تقدير أيهم تضرب: أن تكون تضرب قبل أي فقد جاز أن يعمل ما قبل الاستفهام فيه و
تعمل فيه الأفعال المؤثرة؟