فالجواب في ذلك أن النفس منصوبة
بإضمار فعل على طريق التبيين كأنه قال:
و ما كان يطيب بالفراق، ثم قال:
نفسا، فإذا أمكن أن يكون منصوبا بأعني لا بيطيب لم يكن لمن احتج به حجة على
سيبويه.
فإن قال قائل: فلم نقلت هذه
الأسماء عن كونها فاعلة و لم تستعمل على أصلها؟
قيل له: الفائدة في ذلك أنهم
أرادوا أن يجعلوا الفعل للجثة و يجعلوا هذه الأسماء تبيينا، لأن الجثة توصف بذلك
فقد يمكن أن يكون المتصبب منها العرق و غيره، فإذا جعلوا الفعل للجثة جاز أن يتصل
بها جميع ما يتعلق بها، و لو جعل الفعل للعرق فقالوا: تصبب عرق زيد، و يتصبب ماء
زيد لم يكن فيه دلالة على ذلك متصلة فلذلك تغير الفعل على فاعله لهذا المعنى
فاعرفه.
باب الاستثناء
إن قال قائل: لم وجب أن ينصب
المستثنى من الموجب نحو: جاءني القوم إلا زيدا، و لم يجز البدل منه كما جاز في
النفي نحو ما جاءني أحد إلا زيد؟
فالجواب في ذلك أن البدل مستحيل و
ذلك أن المبدل منه يجوز أن يقدر كأنه
[1] البيت من البحر الطويل و قد اختلفوا في نسبته فمنهم من نسبه
إلى أعشى همدان، و منهم من نسبه إلى قيس بن الملوح و الأغلب أنه للمخبل السعدي فهو
له في الخصائص 2/ 384، و في اللسان (حبب) 1/ 281، و في العيني 3/ 235، و هو بلا
نسبة في المقتضب 3/ 37، و في شرح شواهد الإيضاح للفارسي 188- 190، و في أسرار
العربية 197، و الإنصاف 2/ 828- 832، و في أمالي ابن الشجري 1/ 50 و في شرح المفصل
2/ 74، و في شرح ابن عقيل 2/ 530، و في الهمع 4/ 71.