إن قال قائل: ما الأصل في حتى؛ أن تكون عاطفة أم جارة؟
قيل له: الأصل فيها أن تكون جارة[1]. و دخولها في باب العطف حملا على
الواو. و الدليل على أن أصلها الجر أنها إذا جعلت عاطفة لم تخرج من معنى الغاية،
ألا ترى أنك إذا قلت: جاءني القوم حتى زيد، و مررت بالقوم حتى زيد، فزيد بعض
القوم، و إذا رجعت أيضا على العطف فهو بعض القوم، و لو كان أصلها العطف لوجب أن
يكون ما بعدها من غير جنس ما قبلها، إذ[2]كانت حروف العطف هكذا حكمها نحو
قولك: جاءني زيد و عمرو، و لا يجوز جاءني زيد حتى عمرو، و كذلك لا يجوز الخفض[3]على
الغاية، فهذا دليل على أنها أصل الغاية.
فإن قال قائل: فمن أين أشبهت الواو؟ قيل؛ لأن أصل الغاية أن تدخل ما
بعدها في حكم ما قبلها، ألا ترى أن قولك: ضربت القوم حتى زيد، معناه أن الضرب وقع
على زيد كما أنك لو قلت: ضربت القوم و زيدا، لكان زيد مضروبا، فلما اشتركا في
المعنى حملت حتى على الواو.
فإن قال قائل: فلم وجب أن يكون ما بعد حتى جزءا مما قبلها؟