أحدهما: يحكى عن الزجاج أنهما لما وضعا للمدح و الذم العام خصا بأن
يليهما لفظ عام.
و الوجه الآخر: أن لفظ الجنس إنما وجب تقديمه إلى جنب نعم و بئس ليدل
بذلك على أن الممدوح قد حصل له من الفضل ما في الجنس فإذا قلت: نعم الرجل زيد،
دللت بلفظ الرجل أنه فاضل في الرجال و كذلك إذا قلت: نعم الظريف زيد، دللت بذلك أن
زيدا/ ممدوح في الظرّاف، فلهذا وجب تقدير الجنس.
فإن قال قائل: من أين جاز في نعم و بئس أربع لغات[1]و كذلك
جميع ما ثانيه حرف حلقي مما هو على ثلاثة أحرف اسما كان أو فعلا نحو: فخذ، و حروف
الحلق ستة و هي الهمزة و الهاء و الحاء و الخاء و العين و الغين[2]؟
فالجواب في ذلك أن حروف الحلق لما كان بعضها مستعليا و بعضها قريب من
الألف، فالهمزة مقاربة الألف و الفتح قريب من الكسرة اتبع الفتح الكسر ليكون
الكلام على طريقة واحدة كما يتبع الفتح الألف الممالة، فلما جاز إتباع الكسرة
تتابع في الفعل كسرتان فيسكن الثاني للاستثقال.
[1]اللغات الأربع هي: نعم بفتح النون و كسر
العين، و نعم بفتح النون و سكون العين، و نعم بكسرهما، و نعم بكسر النون و سكون
العين. و انظر تفصيل هذه اللغات في المسألة الرابعة عشرة من كتاب الإنصاف.
قال سيبويه في اللغة الثالثة:" و أما قول بعضهم في القراءة إن
الله نعما يعظكم به فحرك العين فليس على لغة من قال نعم فأسكن العين، و لكنه على
لغة من قال نعم فحرك العين، و حدثنا أبو الخطاب أنها لغة هذيل".
الكتاب 4/ 439- 440 (هارون).
[2]للتفصيل انظر المقتضب 2/ 140 (لجنة إحياء
التراث الإسلامي).