قيل له: يجوز أن يكون الذي أحوج إلى ذلك [أن][1]الأسماء النكرات تنعت بالجمل،
فجاؤوا[2]باسم
يحتاج أن يوصل بالجمل و هو في نفسه معرفة بالألف و اللام أي (الذي) و الجملة توضحه
فتوصلها ب (الذي) إلى أن صارت الجملة في المعنى كالنعت للمعرفة فهذا الذي أحوج إلى
ما ذكرناه، و حملت (من و ما و أي) على (الذي) و لم يصح الوصف بها؛ لأنها لا معنى
لها في نفسها و لا فيها ما يدل على العهد كالألف و اللام في (الذي)[3]فجرت مجرى
الأسماء الأعلام و سنبين أحكام النعوت في بابها و أنه لا ينبغي أن ينعت إلا بفعل
أو باسم فيه معنى الفعل و الأسماء الأعلام خالية من ذلك فلهذا لم ينعت بها و لا
بما جرى مجراها.
باب الحروف التي تنصب الأسماء و النعوت و ترفع الأخبار
فإن قال قائل: لم وجب أن تنصب هذه الحروف الاسم و ترفع الخبر، هلّا
رفعت الاسم و نصبت الخبر؟ و بالجملة لم وجب أن تعمل؟
فالجواب في وجوب عملها: أنها حروف تختص بالاسم و لا تدخل على الفعل و
بعضها يحدث معنى في الاسم، و أواخرها كأواخر الفعل الماضي، فلما شاركت الفعل في
لفظها و لزومها[4]/
الاسم وجب أن تعمل عمله، و الذي أوجب لها أن تعمل عملين الرفع و
النصب[5]أنها
عبارة عن الجمل و ليس لها معنى في العبارة
[3]جاء في الأزهية أن الألف و اللام دخلت على
(الذي) للتعريف، و يرى ابن هشام أن الألف و اللام فيها زائدة لازمة على القول بأن
تعريفها بالصلة. و للتفصيل انظر الأزهية: 301 باب الأصل في (الذي) و اللغات فيها.
و المغني: 1/ 52.
[4]سبق الزجّاجي الورّاق إلى هذه العلّة حين
قال:" و لم وجب أن تنصب (إنّ) الاسم؟ فالجواب في ذلك أن يقول: لأنها و
أخواتها ضارعت الفعل المتعدّي إلى مفعول، فحملت عليه فأعملت إعماله لمّا ضارعته،
فالمنصوب بها مشبّه بالمفعول لفظا، و المرفوع بها مشبّه بالفاعل لفظا ...".
الإيضاح 64.
[5]و هذا ما ذهب إليه البصريون، أمّا الكوفيون
فيجعلون الخبر باقيا على رفعه قبل دخولها انظر الإنصاف 82 المسألة
[22] ، (ط ليدن).