نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 58
لا يقال فاستعماله حينئذ في التعريف مخلّ، لأنّا نقول: إنّما يكون
استعمال الألفاظ المشتركة في الحدود مخلّا، إذا لم تقم قرينة تعيّن المقصود، أمّا
إذا قامت قرينة تعيّنه فلا.
أقسام الكلمة الثلاثة و أدلّة الانحصار فيها:
قدّم تعريف الكلمة على الكلام، لأنّها جزءه، و الجزء مقدّم على الكلّ
طبعا، فقدّمها وضعا ليوافق الوضع الطبع، و من قدّم الكلام فلأنّه المقصود بالذات،
و هي أي الكلمة باعتبار مفهومها ثلاثة[1]اسم و فعل و حرف، أي منقسمة إلى
هذه الأنواع، منحصرة فيها، كما يفيده السكوت في مقام البيان و التقسيم أيضا، إذ
الأصل فيه أن يكون حاضرا، و الأدلّة على هذا الانحصار ثلاثة:
أحدها الأثر، و هو ما روي عن أمير المؤمنين (ع) و قد مرّ. الثاني:
الاستقراء التامّ من أئمة العربيّة، فإنّهم تتبّعوا كلمات العرب، فلم يظفروا بغير
هذه الثلاثة، و لو كان ثمّ نوع آخر لعثروا عليه، الثالث: الدليل العقليّ، و لهم في
ذلك عبارات: منها أنّ الكلمة موضوعة- كما مرّ- فتكون دالة لا محالة، لأنّ الوضع من
أسباب الدلالة.
فنقول: إمّا أن تدلّ على معنى غير مستقلّ بالمفهومية، أو لا، الأوّل
حرف، و الثاني إمّا أن يدلّ على اقتران معناها بأحد الأزمنة الثلاثة أولا، الأوّل
الفعل، و الثاني الاسم، و منها أنّ الكلمة إمّا أن يصحّ إسنادها إلى غيرها أو لا،
فإن لم يصحّ فهي الحرف، و إن صحّ فإمّا أن تقترن بأحد الأزمنة الثلاثة أو لا، فإن
اقترنت فهي الفعل، و إلّا فهي الاسم.
و منها أنّ العبارات بحسب المعبّر عنه، و المعبّر عنه[2]من
المعاني ثلاث: ذات و حدث عن ذات و واسطة بين الذات، و الحدث يدلّ على إثباته لها
أو نفيه عنها، فالذات الاسم، و الحدث الفعل، و الواسطة الحرف.
و زاد أبو جعفر بن صابر[3]قسما رابعا، سمّاه الخالفة، و هو
اسم الفعل، لأنّه خلف عن الفعل، و لم يقل بذلك أحد غيره، و لم يلتفت إليه أحد.
و اعلم أنّ تقسيم الكلمة إلى هذه الثلاثة من تقسيم الكليّ إلى
جزئيّاته، كانقسام الحيوان إلى إنسان و فرس و غيرهما، فيصحّ إطلاق المقسّم على كلّ
من أقسامه، و بهذا يندفع ما قد يقال: إنّ العطف بواو الجمع يقتضي أن تكون الكلمة
مجموع هذه الثلاثة، و من جعلها أقساما للكلام فهو من تقسيم الكلّ إلى أجزائه،
كانقسام السكنجبين إلى خلّ و عسل، فلا يصحّ إطلاق المقسّم على كلّ من أقسامه.