قيل: و إنّما سمّي هذا العلم به، لأنّ أمير المؤمنين (ع) لمّا أملى
أصوله على أبي الأسود كما تقدّم، قال له: انح هذا النحو يا أبا الأسود، فسمّي به
تبرّكا بلفظه الشريف.
و اصطلاحا «علم»و
هو كالجنس، يدخل فيه جميع العلوم على تفاوت معانيها. «بقوانينألفاظ العرب»: القوانين جمع قانون، و هو في الأصل لفظ يونانيّ أو سرياني موضوع
لمسطر الكتابة، و في الاصطلاح قضيّة كليّة يتعرّف منها أحكام جزئيات موضوعها
كقولنا: كلّ فاعل يجب رفعه، و كلّ مفعول يجب نصبه[2]و كلّ مضاف إليه يجب جرّه. و
ترادفه القاعدة و الأصل و الضابط. و هذا فصل أخرج به ما ليس بقوانين ألفاظ العرب و
علم اللغة، فإنّه ليس بقواعد كليّة بل بجرئيّات، و قوله: «منحيث الإعراب و البناء»أخرج به ما عدا العلم المقصود، فانطبق التعريف عليه جامعا مانعا.
و اعلم أنّ هذا الحدّ جار على عرف الناس الآن من جعل علم التصريف
قسما برأسه غير داخل في علم النحو، و المتعارف قديما شمول علم النحو له، و كثيرا
ما ينجرّ مسائل من أحد الفنّين إلى الآخر لما بينهما من شدّة الارتباط، و لم يكن
السلف كسيبويه فمن بعده يفردون أحدهما عن الآخر بالتصنيف إلا ما كان عن أبي عثمان
المازنيّ[3]، و تلاه أبو الفتح بن جنيّ و الزمخشريّ و ابن الحاجب[4]و ابن
هشام و غيرهم كالمصنّف هنا، و في التهذيب[5]و ممّن سلك عرف المتقدّمين من
المتأخّرين جمال الدّين ابن مالك و ناظر الجيش[6]و أبو حيّان، و فيقال: عوضا من
قولهم من حيث الإعراب و البناء، من حيث الإفراد و التركيب.
[1] - لم يسمّ قائله، اللغة: يحدو بها: أي إبل
الحجيج أي يزجرها للمشي، هيّات: فعّال بمعنى الصياح من هيّت به إذا صاح به، و هو
مجرور لأنّه صفة، عامدات: قاصدات، و هي حال من الضمير المستكن في الظرف.
[3] - بكر بن محمد أبو عثمان المازنيّ كان إماما في
العربيّة، قيل: لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان، من تصانيفه: كتاب في
القرآن، علل النحو، تفاسير كتاب سيبويه و ... مات سنة 249 ه، المصدر السابق 1/
463.
[4] - عثمان بن عمر بن أبي بكر العلّامة أبو عمرو
بن الحاجب، كان من أذكياء العالم، صنف في النحو: الكافية و شرحها و نظمها، الوافية
و شرحها، و في التصريف: الشافية و شرحها. و له الأمالي في النحو مجلّد ضخم في غاية
التحقيق، مات سنة 646 ه، بغية الوعاة 2/ 134.
[5] - التهذيب في النحو لأبي البقاء العكبري
المتوفّى سنة 538 ه. كشف الظنون، 1/ 518.
[6] - محمد بن يوسف عبد الدائم الحلبيّ محب الدين
ناظر الجيش مهر في العربية و غيرها، شرح التلخيص و التسهيل و مات سنة 778 ه، بغية
الوعاة، 1/ 275.
نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 52