قال أبو حيّان: و لا يعرف أصحابنا هذا التفصيل، بل أنشدوا البيت على
الجواز في فصيح الكلام لا على الضرورة، و سيأتي في الآية و البيت غير ذلك.
تنبيه:حمل ابن مالك البيت على الضرورة، ينافي تفسيره للضرورة بأنها ما لا
يقع إلا في الشعر، و لم يكن للشاعر عنه مندوحة[3]بأن يقول: و إنّ الأولى جاءت بفلج
دماؤهم، فلا يكون على هذا البيت ضرورة.
و أصل الّذي عند البصريّين" لذّ" على وزن عمّ و شجّ، فلمّا
أرادوا الوصف بها من بين الأسماء الموصولة لكونها على وزن الصفات بخلاف ما و من
أدخلوا عليها اللام الزائدة تحصينا لللفظ، حتى لا يكون موصوفها كمعرفة توصف
بالنكرة، و إنّما قلنا بزيادة اللام لما مرّ أنّ الموصولات معارف وضعا بدليل كون
من و ما معرفتين بغير اللام، و إنّما ألزموها اللام الزائدة، لأنّها لو نزعت تارة،
و أدخلت أخري، لأوهم كونها للتعريف كما في نحو الرجل و رجل.
و قال الكوفيّون: أصلها الذال الساكنة، ثمّ لمّا أرادوا إدخال اللام
عليها، زادوا قبلها لاما متحرّكة لئلّا يجمعوا بين الذال و لام التعريف الساكنة،
ثمّ حرّكوا الذال بالكسر، و اشبعوا الكسرة فتولّدت ألف. و كلّ ذا قريب من دعوى
الغيب، قاله الرضيّ.
«الّتي»بقلب الذال تاء «للمفردالمؤنّث»من ذوي العلم و غيرهم، نحو:قَدْ سَمِعَ اللَّهُ
قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ [المجادلة/ 1]،ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها [البقرة/ 142]. و لك في ياء الّذي و
الّتي وجهان: الإثبات و الحذف، فعلى الإثبات تكون إمّا حقيقة، فتكون ساكنة، و إمّا
شديدة، فتكون إمّا مكسورة أو جارية بوجوه الإعراب، و على الحذف فيكون الحرف الّذي
قبلها إمّا مكسورا كما كان قبل الحذف، و إمّا ساكنا، فهذه خمس لغات.
«لمثناهما»أي مثنّى المفرد المذكّر و المفرد و
المؤنّث «اللّذانو اللتّان»بالألف، «إنكانا مرفوعي المحلّ»و اللّذين و اللتين «بالياء» المفتوح
ما قبلها «إنكانا منصوبيه»أي المحلّ «أومجروريه»و ليست الألف فيهنّ علامة الرفع، و الياء علامة النصب و الجرّ،
[1] - الأشهب بن ثور بن أبي حارثة شاعر نجدي ولد في
الجاهليّة و أسلم و عاش في العصر الأموي، نسبته إلى أمه رميلة أمة اشتراها أبوه في
الجاهلية، و مات بعد سنة 86 ه. الأعلام للزركلي 1/ 235.