نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 378
و في النهاية قالوا: مذ و منذ حرفان، و في هذا نظر، إذا قالوا: أصل
مذ و منذ، و يلزم على قولهم: ان المخفّفة من إنّ و أنّ حرفان، و إنّ ربّ باعتبار
لغاتها عشرة أحرف، حكاه المراديّ في الجنى الداني، ثمّ قال قلت: الّذي يظهر أنّ
مرادهم أنّ مذ كان أصلها منذ، كاختها، فحذفت نونها، و تركت أختها على أصلها، ألا
ترى أنّهم قالوا:
الأغلب على مذ الاسميّة، و الأغلب
على منذ الحرفيّة، فلو كانت مذ فرع منذ هذه لساوتها في الحكم، انتهى.
«و تختصّان بالزمان» غير المستقبل من الماضي، و الحال،
و كان عليه التقييد بذلك، لئلّا يتوهّم أنّهما لمطلق الزمان، و ليس كذلك، فإنّهما
لا تستعملان في الزمان المستقبل اتّفاقا، كما قال الرضيّ، و معناها ابتداء الغاية
إن كان الزمان ماضيا كقوله [من الكامل]:
356- ...
أقوين مذ حجج و مذ دهر
و قوله [من الطويل]:
357- ...
و ربع عفت آثاره منذ أزمان
أي من حجج و من أزمان، و الظرفيّة،
إن كان حاضرا، نحو: ما رأيته مذ أو منذ يومنا، أي في يومنا و معنى من و إلى إن كان
معدودا، نحو: ما رأيته مذ ثلاثة أيام، أي من ابتدائها إلى انتهائها.
و ربّ، و القول بحرفيّتها كما مشى
في إطلاقه السابق هو مذهب البصريّين، و مذهب الكوفيّين و الأخفش في أحد قوليه، و
ابن الطراوة ذهب إلى أنّها اسم، و هو مرتضي الرضيّ. و فيها ثمانية عشر لغة: ضمّ
الراء و فتحها مع تشديد الباء و تخفيفها، و الأوجه الأربعة مع التاء مفتوحة و
ساكنة، أو مع ما أو معها، فهذه ستّ عشرة و ضمّها مع اسكان الباء و ضمّها.
و في معناها ثمانية أقوال: أحدها:
أنّها للتقليل دائما، و عليه الأكثرون. الثاني: أنّها للتكثير دائما، الثالث:
أنّها لهما على السواء. الرابع: أنّها لم توضع لواحد منهما، بل هي حرف إثبات لا
يدلّ على تكثير و لا تقليل، و إنّما يفهم ذلك من خارج. الخامس:
للتكثير في مواضع المباهات و
لافتخار، و للتقليل فيما عداه. السادس: لمبهم العدد يكون
[1] - النهاية في النحو لابن الخباز أحمد بن الحسن المتوفى سنة 637.
كشف الظنون 2/ 1989.
تقليلا و تكثيرا. السابع: للتقليل كثيرا و للكثير قليلا. الثامن:
عكسه، أي للتكثير كثيرا و للتقليل قليلا، و هو الّذي جزم به ابن مالك في التسهيل.
و اختاره ابن هشام في المغني، قال:
فمن الأول رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ[الحجر/ 2]، و قوله (ع): يا ربّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة.
و سمع الكسائيّ أعرابيّا، يقول بعد انقضاء شهر رمضان: «يا ربّ
صائمه لن يصومه، و يا ربّ قائمه لن يقومه». و قال الشاعر [من
المديد]:
358- ربّما أوفيت في علم
ترفعن ثوبي شمالات
وجه الدليل أنّ الآية و الحديث و
المثال مسوقة للتخويف، و البيت مسوق للافتخار، و لا يناسب واحدا منهما التقليل.
و من الثاني قول الشاعر [من
الطويل]:
359- ألا ربّ مولود و ليس له
أب
و ذي ولد لم يلده أبوان
و ذي شامة غرّاء في حرّ وجهه
مجلّلة لا تنقضي لأوان
و يكمل في تسع و خمس شبابه
و يهرم في سبع معا و ثمان
أراد آدم (ع) و عيسى (ع) و القمر.
انتهى ملخّصا.
و قوله لم يلده بإسكان اللام، و
أصله لم يلده بكسرها و إسكان الدّال، ثمّ سكنت اللام تشبيها لها بتاء كتف، فالتقي
ساكنان فحرّكت الدّال اتباعا لفتحة الياء، و بالضّمّ اتّباعا لضمة الهاء. قاله
الدمامينيّ.
«و تختصّ ربّ» بالظاهر «النكرة»
لفظا و معنى، أو معنى فقط، نحو ربّ رجل و أخيه، و يغلب وصف هذه النكرة، و لا يلزم
خلافا للمبرّد و ابن السّراج و الفارسيّ و أكثر المتأخّرين منهم الشلوبين، و في
البسيط أنّه رأي البصريّين، لأنّ عاملها يحذف غالبا، فجعل التزام الوصف كالعوض، و
الأوّل هو ظاهر نصّ سيبويه، و عليه نصّ الأخفش، و قاله الفرّاء و الزّجّاج و ابن
طاهر و غيرهم، و اختاره ابن عصفور، لأنّ ما فيها من معنى القلّة و الكثرة مغن عن
الوصف كما في كم الخبريّة، و احتجّ عليه بقول أم معاوية [من الكامل المجزوء]: