نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 274
صيغة الحصر، كما قال تعالى:وَ اعْبُدُوا
رَبَّكُمْ [الحج/
77]، و قال:أَمَرَ
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [يوسف/ 40]، بل قوله تعالى:بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ [الزمر/ 66]، و لو لم تكن للاختصاص، و كان معناها اعبد اللّه، لما حصل الإضراب
الّذي هو معنى بل.
و اعترض أبو حيّان على مدّعي الاختصاص، بنحو:أَ فَغَيْرَ اللَّهِ
تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ [الزمر/ 64]، و أجيب بأنّه لمّا كان من أشرك باللّه غيره، كأنّه لم
يعبد اللّه، كان أمرهم بالشرك، كأنّه أمر بتخصيص غير اللّه بالعبادة. و ردّ صاحب الفلك
الدائر[1]الاختصاص
بقوله تعالى:كُلًّا
هَدَيْنا وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ [الأنعام/ 84]، و هو أقوي ما ردّ به، و أجيب بأنّه لا يدّعي فيه
اللزوم، بل الغلبة، و قد يخرج الشي عن الغالب.
قال الشيخ بهاء الدين السّبكيّ: و قد اجتمع الاختصاص و عدمه في آية
واحدة و هي:أَ
غَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ [الأنعام/ 40 و 41]، فإنّ التقديم في
الأولى قطعا ليس للإختصاص، و في إيّاه قطعا للاختصاص، انتهى. و على قول الجمهور
فشرطه أن لا يكون التقديم مستحقّا.
الحصر و الاختصاص مترادفان أم لا:
تنبيه: المشهور أنّ الحصر و الإختصاص مترادفان، و اختار تقيّ الدين
السّبكيّ[2]التفرقة
بينهما، فقال: اشتهر كلام الناس في المعمول يفيد الاختصاص، و قد يفهم كثير من
الناس من الاختصاص الحصر، و ليس كذلك، و إنّما الاختصاص شيء، و الحصر شيء آخر، و
الفضلاء لم يذكروا في ذلك لفظة الحصر، و إنّما عبّروا بالاختصاص، و الفرق بينهما
أنّ الحصر نفي غير المذكور و إثبات المذكور، و الاختصاص قصد الخاصّ من جهة خصوصه
من غير تعرّض لنفي غيره، انتهى.
و قوله: إنّ الفضلاء لم يذكروا في ذلك لفظ الحصر ممنوع، فقد ذكرها غير
واحد، و هذه مسألة بيانيّة تطفّلنا بها تبعا للمصنّف، رحمه اللّه، و إلا فالتقديم
و التأخير اللّذان يلزم النحويّ النظر فيهما هما ما اقتضته صناعة من الجواز و
الوجوب فقط، لا ذكر فوائد هما، و وجوبا في مسألتين، أشار إلى الأولى بقوله[3] «للزومهالصدر»أي صدر الكلام، و ذلك إذا تضمّن
معنى الاستفهام، نحو:أَيًّا ما تَدْعُوا [الإسراء/ 110]، أو أضيف إلى ما تضمّن معنى أحدهما، نحو: علام أيّهم
ضربت، علام من تضرب أضرب.
[1] - الفلك الدائر على المثل السائر لعز الدين عبد
الحميد ابن هبة اللّه المدائني (المعروف بابن أبي الحديد) المتوفى سنة 655 ه. كشف
الظنون، 2/ 1291.
[2] - على بن عبد الكافي السبكي تقي الدين النحويّ
اللغويّ، صنف نحو مائة و خمسين كتابا مطولا و مختصرا، منها: تفسير القرآن،
الاقتناص في الفرق بين الحصر و الاختصاص و مات سنة 755 ه. بغية الوعاة، 2/ 177.