بالوجهين، فالرفع على أنّ ما كافّة، و ذا مبتدأ، و الحمام بيان، و لنا
الخبر، و النصب على أنّ ما زائدة، و ذا اسم ليت، و الحمام بيان، و لنا الخبر قال
ابن هشام: و يحتمل أنّ الرفع على أنّ ما موصولة، و أنّ الاشارة خبر لهو محذوفا، أي
ليت الّذي هو هذا الحمام لنا، و لكنّه احتمال مرجوح، لأنّ حذف العائد المرفوع
بالابتداء في صلة غير أي مع عدم طول الصلة قليل، انتهى.
و عدم طول الصلة في ذلك ممنوع، بل هي طويلة بالصفة، و قد صرّح هو بمثل
ذلك في المغني، و ذهب ابن السرّاج و الزّجاج و الزمخشريّ، و تبعهم ابن مالك، إلى
جواز إعمال الجميع قياسا على ليتما، و منعه سيبويه في غيرهما للسماع المشهور فيها
دون ما عداها
و خرج بقولنا: «الزائدة» ما
المصدرية و الموصولة فلا تكفّان عن العمل، نحو: أعجبني أن ما قمت، أي قيامك، و
نحو:أَ
يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ [المومنون/ 55]،وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ
خُمُسَهُ [الأنفال/
41]، أي أنّ الّذي، بدليل عود الضمير من به و خمسه إليها، إذ لا يعود الضمير إلا
على الأسماء، و كان عليه التقييد بها كما فعلنا، و كأنّه اعتمد على المثال، فإنّه
لا يصحّ أن يكون ما فيه إلا زائدة، فتدبّر.
بحث في سبب إفادة إنّما للحصر بين الأصوليّين و النّحويّين:
تنبيه: ها هنا بحث لا بأس بالتعرّض له، و هو أنّ جماعة من الأصوليّين
منهم الفخر الرازيّ في المحصول[3]ذكروا أنّ ما الكافة الّتي مع أن
نافية، و أنّ ذلك سبب إفادتهما للحصر في نحو:إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ
واحِدٌ [النساء/
171]، قالوا: لأنّ إنّ للاثبات، و ما للنفي، فلا يجوز أن يتوجّها معا إلى شيء
واحد، لأنّه تناقض، و لا أن يوجّه النفي للمذكور بعدها، لأنّه خلاف الواقع
باتّفاق، فتعيّن صرفه لغير المذكور، و صرف الاثبات للمذكور، فجاء الحصر.
[1] - عبد اللّه بن أحمد أبو الحسين ابن أبي الربيع
إمام أهل النحو في زمانه، صنّف شرح الإيضاح، شرح سيبويه و ... مات سنة 688 ه. بغية
الوعاة 2/ 126.
[2] - قاله النابغة الذبياني، اللغة: قد: هاهنا اسم
فعل معناه يكفي، أو هو اسم بمعنى كاف.
[3] - المحصول في أصول الفقه، مبسوط لفخر الدين
محمد بن عمر الرازي. كشف الظنون 2/ 1615.
نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 230