responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث الاُصول، القسم الثاني نویسنده : الحائري، السيد كاظم    جلد : 1  صفحه : 449

مدى حقّانيّة العقل العملىّ

وأمّا الأمر الثالث: وهو الكلام في مدى حقّانيّة العقل العملىّ، فهنا موقفان:

موقف المثبتين، وموقف المشكّكين.

أمّا الموقف الأوّل: فقد ذكروا لبيان حقّانيّة العقل العملىّ وجهين:

الوجه الأوّل: أنّ قضايا العقل العملىّ اتّفاقيّة بين تمام العقلاء، اذن فهي حقّة.

ومن الواضح: أنّ مجرّد اتّفاق العقلاء ليس بالمباشرة دليلاً على الصحّة والحقّانيّة. فكأنّ المقصود من الاستدلال به ما يكون من سنخ الاستدلال بالتجربة، بأن يقال: إنّ المعارف البشريّة النابعة من حاقّ النفس تكون مضمونة الصحّة، ويستحيل فيها الخطأ، بخلاف المعارف التي يتدخّل فيها الاُمور الخارجة عن النفس، ومعرفة الضرورة الخلقيّة هي من المعارف النابعة من حاقّ النفس; بدليل اتّفاق العقلاء عليها; إذ إنّ اتّفاقهم عليها شاهد على كون المنشأ لهذه المعرفة أمراً مشتركاً بين الجميع; إذ لو كان المنشأ لها أمراً غير مشترك بين الجميع، لما حصل اتّفاق الجميع عليها، وليس هناك شيء مشترك بين الجميع عدا النفس البشريّة، فتثبت أنّ هذه المعرفة نابعة من النفس وفطريّة للإنسان.

ويرد عليه: أنّ من عاشرناهم ورأيناهم من الناس لم يكن الأمر المشترك بينهم منحصراً في النفس البشريّة، بل هم مشتركون ـ أيضاً ـ في تعايشهم في مجتمع إنسانىّ، ومشاهدتهم لقوانين مقنّنة في المجتمع، وتربيتهم في حجر الأب والاُمّ أو المعلّم ونحو ذلك[1]. فمن احتمل كون هذه المعرفة مستوحاة من تلك القوانين والمجتمعات والتربية والتعليمات، لم يمكن إثبات عدمه له بهذا الوجه، ومن لايحتمل ذلك لايحتاج إلى هذا الوجه.

الوجه الثاني: ما ذكره بعض: من أنّه لو خلق إنسان منفرداً، وعاش منفرداً، ولم يشاهد أىّ مجتمع أو تعليم وتربية ونحو ذلك، ثُمّ حمل على الإخبار بشيء ما، ولم توجد له أىّ فائدة صدفة في الكذب، فهذا الإنسان سيصدق في إخباره، وهذا شاهد على أنّه يدرك



[1] والمجتمعات والتعاليم المختلفة مشتركة في كثير من المناشئ، كالمصالح والغرائز، فمن لا يدرك بوجدانه حقّانيّة الحسن والقبح، يحتمل أنّ المقدار المشترك بين الناس من الحسن والقبح المعترف بهما عند جميع المجتمعات ناشئ من التعاليم الاجتماعيّة المستوحاة من تلك المصالح والغرائز. وطبعاً أنّ تعاليم من هذا القبيل لا يشترط فيها التطابق الكامل والشامل لتمام الموارد مع المصالح والغرائز حتّى ينقض ببعض الموارد التي نرى الحسن والقبح المعترف بهما اجتماعيّاً يتخلّفان عن المصالح والغرائز.
نام کتاب : مباحث الاُصول، القسم الثاني نویسنده : الحائري، السيد كاظم    جلد : 1  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست