تمّ بينهما قبل العقد على التقابل بين الإيجار والقرض ، ولكن بعد أن تمّ الإيجاربسعر منخفض بدا للمستأجر أن يكافئ الموجَر بالقرض ، فهنا لا يعتبر القرض قرضاً بزيادة ، أو قرضاً ربويّاً . أمّا إذا كان الاتّفاق منذ البدء ، بينهما على التقابل والداعويّة بينهما وأنّه لا قرض بلا إيجار كما لا إيجار بلا قرض ، فهذا القرض لا محالة قرض جرّ نفعاً وزيادة ، وهو ربا سواء سمّي مشروطاً أو لم يسمّ ، ولذا ترى أنّ العرف حينما يسمع حرمة القرض بزيادة لا يفرّق بين الإقراض بشرط الزيادة أو هبة الزيادة بشرط القرض ، فكما يكون إقراض مائة دينار بشرط زيادة عشرين ربا ، كذلك تكون هبة عشرين ديناراً بشرط الإقراض الذي لم يكن يتمّ لولا الهبة رباً في القرض ، لا بمعنى أنّ العرف يتعدّى من تحريم القرض الربوي إلى تحريم الثاني ، بل بمعنى أنّه هو هو .
حكم الحيلة في الربا :
نعم هناك حيل شرعيّة تكون في واقعها غير القرض الربوي قد يدّعى أنّ العرف يتعدّى من دليل حرمة الربا إليها ، وقد لا يدّعى من قبيل أن يتّفقا على بيع متاع بسعر مّا مؤجّلا ، ثمّ شراؤه من المشتري بسعر أقلّ معجّلا ، ومن قبيل بيع متاع بالنسيئة مع إضافة في القيمة لأجل كون الثمن نسيئة ، بحيث لو وافق المشتري على أن يشتريه بثمن معجّل لكان يبيعه إيّاه بأقلّ من ذلك ، وإنّما زاد في الثمن بنكتة كونه مؤجّلا .
ولا يبعد أن يُقال في هذه الحيل بالتفصيل بين ما لا يشتمل على غرض غير نفس غرض الربا كما في المثال الأوّل ، وإنّما بدّلت الصياغة فراراً من الربا ، وبين ما يشتمل على غرض آخر ، ولكنه يشتمل في نفس الوقت على نفس الأثر الموجود في القرض الربوي ، كما في مثال بيع النسيئة ، فالأوّل يكون حراماً لأنّه لو حلّ كان معنى ذلك أنّ تحريم قرض الربا تعبّدي بحت ، وهو ممّـا يقطع بخلافه ،