ثم ينطق الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، بكلمة هي الغاية في الروعة والحكمة، ومن الجدير بنا تدوينها وجعلها أمام نواظرنا في كل حين ومكان، وهي:
«فَإِنَّ السَّاعِيَ غَاشٌّ وَإِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ».
لأن قول الحقيقة في بعض المرات يراد منه الغش والباطل، ولأن الساعي عمله السعاية والوشاية، فهو وإن نطق بمقولة الحقيقة، إلّا أنه لا يروم من صدقه حقاً.
بل إنّ قول الكذب في بعض الحالات أمر مطلوب، مثل طلب الإصلاح بين المؤمنين. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه واله أنّه قال:
«إِنّ اللهَ عَزّ وَجَلّ أَحَبّ الْكَذِبَ فِيْ الْصّلَاحِ، وَأَبْغَضَ الْصّدْقَ فِيْ الْفَسَادِ» [1].
لأن النيّة الإصلاحية التي تقف وراء بعض نماذج الكذب، هي النيّة الصحيحة والمطلوبة.
وعن قول النبي ابراهيم عليه السلام لما عاب على قومه عبادتهم الأصنام، حيث يقول الله عز وجل: (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ) [2].
[1] من لايحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج 4، ص 353.
[2] سورة الصافات، آية 88- 89.