والانسان مهما كان و باستثناء من عصمه الله لابد أن يكون فيه النقص، و تصدر منه بعض الانحرافات.
وإذا أردنا أن نجدد حضارة الاسلام فلابد من أن نهتم بهذه الحوزات، و نستمد منها القوة والتوجيهات والتعاليم لحياتنا، هذه التعاليم التي استطاعت الحوزات عبرها المحافظة على جوهر الاسلام وروحه خلال تلك الانعطافات التي كانت في مسيرة المسلمين على امتداد الف و اربعمائة عام، ففي خلال تلك التطورات الهائلة التي حدثت عند المسلمين، والانحرافات التي غزت ادمغتهم، كانت الحوزات العلمية تتحدى و تقاوم و تبلور النظرية الاسلامية الصحيحة و بالتالي فانها كانت تحافظ على جوهر الاسلام.
الحوزات العلمية في مواجهة التيارات المنحرفة
وعلى سبيل المثال فمنذ أكثر من ألف عام غزت البلاد الاسلامية التيارات الفكرية و الفلسفية الغريبة سواء من غرب العالم أم شرقه فمن الغرب زحفت تيارات يونانية و أفكار فلسفية إغريقية التي سبقت و أن ادخلت في الديانتين اليهودية و النصرانية افكار الشرك من مثل الاقانيم الثلاثة في النصرانية، و نقصد هنا بالطبع النصرانية التي يتبرأ منها المسيح (عليه السلام)، وكذلك- بالنسبة إلى اليهودية- فكرة الجحود، وان يد الله تعالى مغلولة، و ان عزيز ابن الله.
ومن الشرق إنطلاقاً من الهند والصين و ايران تسلكت إلى المسلمين أفكار غريبة هي الاخرى مثل فكرة التصوف و الاشراق رغم أن هذه الفكرة دخلت أيضاً اليونان فأثرت في فلسفة افلاطون، لان الشرق و الغرب؛ أي الامبراطورية الرومانية و اليونانية قبلها، والامبراطورية الفارسية كانت تتفاعل مع بعضها، سواء كان هذا التفاعل عنيفاً من خلال الحروب التي كانت تحدث بينها، أم هادئاً من خلال تبادل البعثات والوفود العلمية، و بالتالي فان تلك الحضارات إختلطت ببعضها، وتفاعلت فيما بينها