فوراء كل سعي حركة؛ وهذه البصيرة القرآنية المباركة تعكس لنا بوضوح بالغ حقيقة حضارية على غاية من الأهمية. فالآية الكريمة المشار إليها تخاطب الإنسان ككائن مجرد وتصوّر له (محكوميته) بقانون الكدح. فالمؤمن كادح والمنافق كادح والكافر كادح أيضاً، إلّا أن الفرق بين هؤلاء الأفراد الثلاثة هو أن الإنسان المؤمن وفي طليعة سعيه يضع الله والحياة الآخرة نصب عينيه، متخذاً من الحياة الدنيا محطة عبور، ولا شيء سوى ذلك. في وقت يصرف المنافق والكافر طاقاتهما وعمرهما من أجل البقاء في هذه المحطة، وهو الأمر المحال، ولذلك فهم في تراجع مستمر عن حركة الزمن الطبيعية والحتمية في آن واحد.
وحال أولئك كمن يمشي فوق السلّم الكهربائي بالاتجاه المعاكس، كأن كانت حركة السلّم إلى الأسفل وهو يريد الصعود أو بالعكس، فإننا لا نجد وصفاً لائقاً لهذا الشخص إلّا القول بأنه كالسابح ضد التيار. وعلى هذا الشخص إذا ما أراد الوصول إلى هدفه أن يبذل طاقة إضافية، فلابدّ أن يركض لكي يمشي، ولابدّ أن يمشي لكي يقف. وعلى هذا الأساس فإن الشخص المعاند للقانون الطبيعي يكون محكوماً بقانون الضنك والتعب،
آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي(دام ظله)، على طريق الحضارة - قم، چاپ: اول، 1428.