قضية الإعداد وإحراز المقدمة تعتبر إحدى المواضيع المهمة التي تدرس في علم أصول الفقه، وذلك بالنظر إلى أنّ المكلّف يعجز عن تحقيق وأداء الفرائض الملقاة على عاتقه دون إحراز مقدماتها والإعداد لها. وعليه؛ كان من المنطقي لعلماء الأصول والفقه بحث هذا الموضوع لينتهوا عبره الى نتائج عملية ملموسة، تجعل من الإفتاء مهمّة يسيرة إلى حدٍ بعيد.
ولقد عالجت الآيات القرآنية العديدة هذه القضية، لتمثل بدورها نوراً يستضيء العلماء والمفتون به، من قبيل قول الله تبارك وتعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى* وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى) (النجم/ 39- 40) إذ السعي والحركة من شأنه إيصال المكلَّف الى تحقيق ما يصبو إليه، دون الجمود والخنوع. وقوله سبحانه: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً) (التوبة/ 46) نظراً الى أنّ الإعداد أهم بدرجات من المواجهة ذاتها، لأن ساعة المواجهة هي ساعة الصراع، وأيّ عاقل ورشيد لايدخل الصراع دون أن يهيء نفسه لتلك الساعة. وقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَااسْتَطَعْتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ وءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاتَعْلَمُونَهُمُ الله