responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 299

3- كانت الرأسمالية مادية مرة ثالثة حين شرعت نظمها بعيدًا عن التفكير في الحياة بعد الموت، تلك الحياة التي لو كانت واقعية، وهي كذلك، لكانت أسمى من هذه الحياة. فينبغي أن يُجنِّد الإنسان بعض طاقاته لا أقل لتلك الحياة ويعمل وفق معطياتها. هكذا تنطلق الرأسمالية من منطلق مادي سواء آمنت بذلك أو رفضت الاعتراف به كسبًا للمزيد من الأنصار.

4- بانطلاق الرأسمالية من العقلية النفعية وتأليهها المصلحة الذاتية، قضت على أية قيمة للأخلاق؛ ذلك لأن من انحصر تفكيره ضمن نطاق ضيِّق من المصلحة لا يستشرف ليرى جمال القيم الخلقية وروعتها. ولذلك نلاحظ أن الرجل الرأسمالي يعيش بعيدًا كل البعد عن المناقبية السلوكية ولا ينظر إلى الحياة إلَّا من زاوية المصالح الخاصة. وفي تاريخ الاستعمار والعنصرية نقرأ ألف مأساة ومأساة استلهمت من الذاتية الغربية.

وبالرغم من أن الوعي الشديد بسبل الانتفاع يهدي الإنسان إلى تعديل سلوكه وفرض بضعة قيم خلقية على نفسه، فإنها لا تعدو أن تكون متواضعة ومجتثة الجذور. ذلك أن صاحب المصلحة قليلًا ما ينظر بعيدًا، ولئن نظر فقليلًا ما يعتقد أن في مصلحته الالتزام بالأخلاق، ولئن التزم فسرعان ما يتركها حينما تعارض مصالحه.

5- الرأسمالية إذ تنطلق من المصلحة في كل مناحي الحياة، فإنها تُعطي الحق للأكثرية في وضع النظم الصالحة لها وإن كانت تُضارّ مصالح الأقلية. فالمصلحة إنما هي مصلحة الأكثرية، أما الأقلية فإنها ستعيش طبيعيًّا تحت رحمة الحكم ما دامت لا تملك ضمانًا من الأكثرية برعاية شؤونها.

ولقد كانت الشريعة الإسلامية واعية لمأساة الأقلية فلم تجعل المصلحة ولا مصلحة الأكثرية هي القيمة النهائية للنظام، بل الحق والحق وحده كان القيمة الأساس.

6- القضية المأساوية العظمى التي تورَّط فيها النظام الرأسمالي كانت عودة الأكثرية أقليةً حاكمةً، إذ ما أن أُطلقت الحرية الاقتصادية حتى تكتَّلت الأدمغة البشرية الواعية ومضت قُدُمًا في تحقيق مصالحها الذاتية، وأحرزت لنفسها ثروة طائلة.

والثروة كل شيء بالنسبة إلى أمة المصالح التي تسودها العقلية النفعية بصورة كاملة. ولهذا فقد أمست الثروة الطائلة التي كدَّستها الأقلية هي سيدة الموقف تمامًا؛ إذ قامت الأقلية الثرية اعتمادًا على ثروتها الطائلة وحفاظًا عليها، قامت بضرب مواقع القوة التي

نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست