الفلسفة البشرية في مسألة الوجود ثم تفصيل الرأي القرآني ورأي أهل البيت عليهم السلام فيها.
الوجود والثقافة الوضعية:
لقدغرق الفلاسفة في مبحث الوجود، وكان غرقهم هذا دليلا على ضرورة أن يركب الانسان الباحث عن الحقيقة سفينة الوحي الالهي.
قال الفلاسفة بأن الله علة تامة- تمييزا عن العلة الناقصة- للكون، وبما أن العلة التامة لا تنفصل عن المعلول، لذلك فالله قديم والكون قديم معه. ومثّلوا لذلك بقولهم إن النار علة تامة للحرارة، والمصباح علة تامة للضوء، والشمس علة تامة للدفء، والرصاصة التي تدخل القلب علة تامة للموت، ولا يمكن في حال من الاحوال تصور انفصال المعلول عن علته التامة، فهو موجود فور وجودها. ومثلوا العلة الناقصة بوجود السكين في يد الانسان الذي يمكنه أن يقتل أحداً به أو ان لا يقتل. فالتفاوت بين نوعي العلة هو الفور في التامة والفتور في الناقصة. وقولهم بِقدمية الكون دعاهم الى القول بقدم أجزائه، فكان المخلوق قديماً.
وهؤلاء الفلاسفة انتهوا باستدلالهم هذا الى التصريح بان العوالم متعددة؛ فالعالم الاول هو عالم الخالق، والعالم الثاني عالم العقول المجردة، والعالم الثالث هو عالم النفوس، والعالم الرابع هو عالم الأجساد.
قالوا: بما إن العقول قديمة فالنفوس قديمة والأجساد كذلك، لأن كل واحد من هذه الحقائق الاربع علة لمعلوله الذي يعقبه، وبالتالي يستحيل انفصال المعلول عن علته؛ بمعنى إن الله قد صدرت منه العقول، وصدر عن العقول النفوس، وصدر عن النفوس الاجساد.