حين ينتقي الانسان كتاباً ما؛ انما يكون لرغبة فيه، او لغرض يبتغيه، او لحاجة في نفسه يسعى لتحقيقها والوصول إليها. ثم إن الحاجة الى الكتاب ستنتفي بانتفاء الغرض وتحققه، وحينئذ يؤول الكتاب الى المكتبة إن لم نقل يهمل ويرمى في سلة المهملات. وبتعبير آخر؛ عندما يستوفي الانسان غرضه من الكتاب قلما يعود لقراءته او مطالعته ثانية وثالثة إلّا ما ندر، وفي حالات يرافقها ولا شك نوع من الملل وحالة من الاشباع الناشئ من تكرار موضوعاته. لكن هذه الحالة منتفية تماماً حين يتلو الانسان القرآن الكريم، بل وواقع الحال يثبت العكس. فالانسان إضافة الى عدم احساسه بالملل والاشباع حين تلاوة القرآن، نراه وكلما تدبر في آياته يزداد شوقاً ورغبة إلى المزيد، فيروح يتلوه مراراً وتكراراً أياماً وليالي. وهذه الميزة وان كانت من دلائل اعجاز القرآن الكريم، فهي أيضاً تكشف وبكل جلاء حقيقة ان القرآن والعقل صنوان لايفترقان، لان القرآن يحاكي ذات الانسان ويخاطب فطرته؛ فينسجم مع أفكاره ومعانيه، وتتفاعل روحه مع عباراته فتهتز