responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث نویسنده : العلامة المجلسي    جلد : 89  صفحه : 192

معناه ليس منا من لم يستغن به، ولا يذهب به إلى الصوت.
وقد روي: أن من قرأ القرآن فهو غني لا فقر بعده، وروي: أن من أعطي القرآن فظن أن أحدا أعطي أكثر مما أعطي، فقد عظم صغيرا وصغر كبيرا، فلا ينبغي لحامل القرآن أن يرى أحدا من أهل الأرض أغنى منه ولو ملك الدنيا برحبها. ولو كان كما يقوله قوم: إنه الترجيع بالقراءة، وحسن الصوت لكانت العقوبة قد عظمت في ترك ذلك أن يكون من لم يرجع صوته بالقراءة فليس من النبي صلى الله عليه وآله حين قال: ليس منا من لم يتغن بالقرآن [6].


[٦] في كلام أبى عبيد هذا نظر، فان قوله صلى الله عليه وآله " من لم يتغن بالقرآن فليس منا " على أن يكون أراد به الغناء، ليس أنه كل من لم يرجع صوته بغناء القرآن فليس منه، بل من كان حسن الصوت قادرا على الغناء، ومع ذلك لم يرجع صوته بغناء القرآن زعما منه أن ذلك خطأ وبدعة أو لهو لا يليق بالقرآن الكريم. فكلامه صلى الله عليه وآله هذا كقوله " من ترك الحية خوفا من تبعتها فليس منى " يعنى حية الوادي، فمن تركها ولم يقتلها زعما منه أنها مخلوقة لله تعالى لها حياة وروح شاعرة، وقتلها إبادة لخلقة وأذية وألم لها فليس منه، لا أن من رأى الحية ولم يجسر أن يقتلها خوفا على نفسه، أو لغير ذلك من الاعذار، فليس منه، ومثل هذا في الاخبار كثير والذي عندي أن العرب في قوله " تغنى " يذهب إلى معنى الصوت وطنينه ولا يلتفت إلى معناه الأصلي وهو ضد الفقر، فكأنه مأخوذ من الكلمة الجامدة وهي الغنة: طنين صوت الذباب والنحل، وهي من الانسان صوته من قبل خيشومه فإذا قيل: تغنى أو غنى بالشعر يعنى أنه رفع صوته بالشعر ونحوه حتى طن صوته في الاسماع، أو في البيت، أو في الوادي، ولا يقال غنى الا إذا رفع صوته بحيث يرجع طنينه ولذلك يقول اللغويون في تعريف الكلمة أنها صوت مع ترجيع.
ونظيرها " تمنى " فان العرب لا ترجع فيها إلى معناه الأصلي وهو التقدير والتيسير للمطلوب وكأنه ما خوذ من كلمة جامدة هي حكاية صوت " من من " إذا قرأ شيئا لنفسه من دون رفع الصوت كقوله:
تمنى كتاب الله أول ليلة * وآخره لاقى حمام المقادر وقول الاخر:
تمنى كتاب الله بالليل خاليا * تمنى داود الزبور على رسل فالتمني القراءة من دون رفع الصوت وترجيعه، والتغني القراءة مع رفع الصوت وترجيعه بالطنين.
والمراد بالحديث أن من لم يرفع صوته بالقرآن بحيث يرجع طنين صوته - زعما منه أن ذلك لا يليق بالقرآن أو هو تشبه بأهل الكتابين أو لغير ذلك من المعاذير فليس منا، فيرجع هذا الغناء إلى ما هو بالطبع والفطرة، والاتساق والاتزان المناسب لا لفاظ القرآن ومعانيه، لا يكون ذلك الا بقطع ووصل، ومد وجزر، ووزانة، وطمأنينة. وغير ذلك مما يعرف في الغناء الفطري الطبيعي.
وأما الغناء المصطلح في علم الموسيقى فلم يكن معروفا عند العرب الجاهلي ولا في دوران النبوة، وإنما تعرف العرب الحدي وهو صوت بترنم كانت الحداة تساق به إبلهم وليس الا غناء فطريا طبيعيا قرره نبي الاسلام، وأجازه وسمعه، وكان له في حجة الوداع حاديان: البراء بن مالك يحدو بالرجال، وانجشة الأسود الغلام الحبشي يحدو بالنساء وفى ذلك قوله صلى الله عليه وآله " رويدا يا انجشة! رفقا بالقوارير " وإنما عرفت العرب الغناء المصطلح في دوران الأمويين حيث رغب البطالون من الامراء والخلفاء وذوي الثروة في ذلك، فدخل الغناء المعروف في ألحان العرب وأشعارهم من قبل الفرس والروم.
قدم الحجاز رجل يسمى بنشيط فغنى فأعجب به مولاه، فقال سائب خاثر: أنا أصنع لك مثل غناء هذا الفارسي بالعربية، ثم غدا عليه وقد صنع.
لمن الديار رسومها قفر * لعبت بها الأرواح والقطر قال ابن الكلبي: وهو أول صوت غنى به في الاسلام من الغناء العربي المتقن الصنعة وما زالت الغناء تتدرج إلى أن كملت أيام بنى العباس عند إبراهيم بن المهدى وإبراهيم الموصلي وابنه إسحاق وابنه حماد، وللغناء العربي تاريخ مفصل من شاء فليراجع مقدمة ابن خلدون الأغاني ترجمة سائب خاثر وطويس ونشيط.

نام کتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث نویسنده : العلامة المجلسي    جلد : 89  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست