responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث نویسنده : العلامة المجلسي    جلد : 76  صفحه : 205

{97 باب} * (حد المرتد وأحكامه، وفيه أحكام قتل) * * (الخوارج والمخالفين) * الآيات: البقرة: [ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [1].
آل عمران: كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول


[١] البقرة: ٢١٧، قال الطبرسي: هذا تحذير عن الارتداد ببيان استحقاق العذاب عليه، وقوله " فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة " معناه انها صارت بمنزلة ما لم يكن لايقاعهم إياها على خلاف الوجه المأمور به، لان احباط العمل وابطاله عبارة عن وقوعه على خلاف الوجه الذي يستحق عليه الثواب وليس المراد أنهم استحقوا على أعمالهم الثواب ثم انحبط، لأنه قد دل الدليل على أن الاحباط على هذا الوجه لا يجوز.
أقول: المراد بقرينة ساير الآيات الواردة في مورد الحبط وهكذا نفس الآيات المبحوث عنها أن المراد من الحبط هو ايقاف العمل وتوقيفه بمعنى أنه لا يترتب عليه أثر العمل من حيث الإثابة حكما " موقتا "، أي ما دام العمل محبوطا "، ولازم معنى الحبط هذا أنه إذا تاب المتخلف ورجع عن فعله المحبط خرج العمل عن الحبط وترتب عليه آثاره كملا، الا إذا مات المرتد على كفره كما فرض في هذه الآية " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر " الخ أو فعل فعلا لا يقبل الله معه توبته كما فرض في آية آل عمران: ٢٢ " ان الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا و الآخرة " فلا توبة حتى يخرج العمل عن الحبط، فيكون الحبط تاما " دائما " في الدنيا و الآخرة كما حكم به في الآية.
والحبط بهذا المعنى أعني الايقاف والتوقيف شايع في الحكومات، مؤيد بالعقل فانكار المنكرين من المتكلمين إنما هو لأجل أنهم لم يتحققوا معنى الحبط الذي ورد في القرآن العزيز.
وهذا المعنى مصرح به في الروايات منها ما عن الدعائم ج 2 ص 481 عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أنه قال من كان مؤمنا " يعمل خيرا "، ثم أصابته فتنة فكفر ثم تاب بعد كفره كتب له كل شئ عمل في ايمانه، فلا يبطله كفره إذا تاب بعد كفره.
مثال ذلك عند الحكومات: أن الرجل يحل عليه الدين فلا يؤديه، فيحتكم الدائن عند الحكومة، فيحكم له بتوقيف دار المديون حتى يخرج عن دينه فلا يمكن من التصرف فيها حتى إذا خرج المديون عن دينه وأدى ما عليه حكم الحاكم بالغاء التوقيف فصار يتمكن من التصرف في داره كما كان قبل ذلك.
ومثل ذلك أن الرجل يثور على الحكومة بالطغيان، فلا ينجح ثورته، فيفر إلى خارج الثغر حصنا " لدمه، فيحكم الحكومة بمصادرة أمواله، أو توقيفها حتى يستسلم، وقد يكون بعد استسلامه وتوبته يحكم الحاكم بلغو المصادرة والتوقيف، ولا بدع في ذلك، فإنه نحو من العقوبة.
فالحبط هو الغاء الأثر من حيث الانتفاع بالعمل، وهو جار في المؤمنين، وأما البطلان من رأس كما توهمه المتكلمون فهو يختص بالكفار كما قال الله عز وجل " أولئك الذين ليس لهم في الآخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " هود: 16، و قال حاكيا عن موسى (ع) حين قال قومه " اجعل لنا إلها " كما لهم آلهة ": " ان هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون " الأعراف: 139، كما عبر عنهم كثيرا " بالمبطلين.
وقولهم في توجيه ما ورد من ذلك في الآيات " أنها صارت بمنزلة ما لم يكن لايقاعهم إياها على خلاف الوجه المأمور به، وأن الثواب في علمه تعالى على ذلك العمل مشروط بعدم وقوع الفسق الفلاني أو الكفر بعد الايمان بعده " غير مقبول بعد ما كان العمل في ظرفه صحيحا " واجدا " لشرائطه، ففي قوله تعالى " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون " الحجرات: 2، حكم يحبط أعمالهم الصحيحة المقبولة التي استحقوا على فعلها الثواب عند الجهر بندائه صلى الله عليه وآله من دون أن يشعروا أنفسهم بأنهم فعلوا ما يحبط الأعمال.
على أن الآيات التي وردت في الحبط كلها تتضمن أن الأعمال المحبوطة كانت صحيحة مقبولة ذات ثواب وجزاء حسن، والا لم يكن في حبطها ضرر عليهم حيث لم يكونوا لينتفعوا بها قبل الحبط أيضا ".
فإذا تحقق معنى الحبط كانت الآية حاكمة بأن من ارتد عن دينه ومات كافرا "، حبطت أعماله وتجب البراءة عنه، وأما إذا رجع عن ارتداده فهل يقبل توبته أم لا، فسنتعرض له في الآيات الآتية بعدها.

نام کتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث نویسنده : العلامة المجلسي    جلد : 76  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست