الدنيا لنفسك ثمنا، ومما لك عند الله عوضا.
ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا، قد طأمن من شخصه، وقارب من خطوه، وشمر من ثوبه [1] وزخرف من نفسه الأمانة واتخذ سر الله تعالى ذريعة إلى المعصية.
ومنهم من أقعده عن طلب الملك ضؤولة نفسه [2] وانقطاع سببه، فقصرته الحال على حاله، فتحلى باسم القناعة، وتزين بلباس أهل الزهادة، وليس من ذلك في مراح، ولا مغدى [3] وبقي رجال غض أبصارهم ذكر المرجع، وأراق دموعهم خوف المحشر، فهم بين شريد ناء، وخائف مقموع، وساكت مكعوم [4] وداع مخلص، وثكلان موجع قد أخملتهم التقية، وشملتهم الذلة فهم في بحر أجاج، أفواههم خامرة [5] وقلوبهم قرحة، قد وعظوا حتى ملوا، وقهروا حتى ذلوا، وقتلوا حتى قلوا، فلتكن الدنيا عندكم أصغر من حثالة القرظ، وقراضة الجلم [6].
واتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم، وارفضوها ذميمة فإنها رفضت من كان أشغف بها منكم، فيا ما أغر خداعها مرضعة، ويا ما أضر نكالها فاطمة.
55 - وقد نقل عنه عليه السلام أنه قال وقد اجتمع حوله خلق كثير: اتقوا الله فما