وأما الخوف من أن يكتب أمرا يعجز الناس عنه ، فلو أريد به الخوف من أن يكلفهم فوق الطاقة فقد بان له ولغيره ـ بدلالة العقل ، وقوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها )[٣] وبغيره من الأدلة النقلية ـ أن رسول الله 9 لا يكلف أمته إلا دون طاقتهم ، ولو أريد الخوف من تكليفهم بما فيه مشقة فلم لم يمنع عمر وغيره رسول الله 9 عن فرض الحج والجهاد والنهي عن [٤] وطء امرأة جميلة تأبى عن النكاح أو كان لها بعل مع شدة العزوبة وميل النفس ، وظاهر أن كثيرا من الناس يعصون الله في الأوامر الشاقة ويخالفون الرسول 9.
وأما المشقة البالغة التي تعد في العرف حرجا وضيقا ـ وإن كان دون الطاقة فقد نفاه الله تعالى بقوله : ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )[٥] ، وقال رسول الله 9 : بعثت إليكم بالحنفية السمحة السهلة البيضاء [٦]. وكيف فهم من قوله : أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي ... إنه أراد أن يكتب لهم ما يعجزون عن القيام به ، وأي ارتباط لهذا الاعتذار بقوله : إنه قد غلبه الوجع ، أو إنه ليهجر.
وبالجملة ، لم يكن عمر بن الخطاب ولا غيره أعلم بشأن الأمة وما يصلحهم
[١]النساء : ٦٥. [٢]الأحزاب : ٣٦. [٣]البقرة : ٢٨٦. [٤]لا توجد : عن ، في (س). [٥]البقرة : ١٨٥. [٦]مسند أحمد بن حنبل ٥ ـ ٢٦٦.
نام کتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 30 صفحه : 548