responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث نویسنده : العلامة المجلسي    جلد : 3  صفحه : 147

على حده فلم يتجاوزه؟ فكذلك يقف العقل على حده من معرفة الخالق فلا يعدوه ولكن يعقله بعقل أقر أن فيه نفسا ولم يعاينها ولم يدركها بحاسة من الحواس ، وعلى حسب هذا أيضا نقول : إن العقل يعرف الخالق من جهة توجب عليه الاقرار ولا يعرفه بما يوجب له الاحاطة بصفته.

فإن قالوا : فكيف يكلف العبد الضعيف معرفته بالعقل اللطيف ولا يحيط به؟ قيل لهم : إنما كلف العباد من ذلك ما في طاقتهم أن يبلغوه ، وهو أن يوقنوا به ويقفوا عند أمره ونهيه ، ولم يكلفوا الاحاطة بصفته كما أن الملك لا يكلف رعيته أن يعلموا أطويل هو أم قصير ، أبيض هو أم أسمر[١] وإنما يكلفهم الاذعان بسلطانه والانتهاء إلى أمره ألا ترى أن رجلا لو أتى باب الملك فقال : أعرض علي نفسك حتى أتقصي معرفتك[٢] وإلا لم أسمع لك كان قد أحل نفسه العقوبة ، فكذا القائل : إنه لا يقر بالخالق سبحانه حتى يحيط بكنهه متعرض لسخطه.

فإن قالوا : أو ليس قد نصفه فنقول : هو العزيز الحكيم الجواد الكريم؟ قيل لهم : كل هذه صفات إقرار ، وليست صفات إحاطة ، فإنا نعلم إنه حكيم ولا نعلم بكنه ذلك منه ، [٣] وكذلك قدير وجواد وسائر صفاته كما قد نرى السماء ولا ندري ما جوهرها ، ونرى البحر ولا ندري أين منتهاه ، بل فوق هذا المثال بما لا نهاية له لان الامثال كلها تقصر عنه ولكنها تقود العقل إلى معرفته.

فإن قالوا : ولم يختلف فيه؟ قيل لهم : لقصر الاوهام عن مدى عظمته وتعديها أقدارها في طلب معرفته ، وإنها تروم الاحاطة به وهي تعجز عن ذلك ومادونه ، فمن ذلك هذه الشمس التي تراها تطلع على العالم ولا يوقف على حقيقة أمرها ، ولذلك كثرت الاقاويل فيها واختلفت الفلاسفة المذكورون في وصفها فقال بعضهم : هو فلك أجوف مملو نارا ، له فم يجيش بهذا الوهج والشعاع وقال آخرون : هو سحابة وقال آخرون : هو جسم زجاجي يقبل نارية في العالم ويرسل عليه شعاعها وقال آخرون : هو صفو


[١]السمرة : لون بين السواد والبياض.
[٢]تقصى واستقصى المسألة : بلغ النهاية في البحث عنها.
[٣]وفي نسخة : ولا نحيط بكنه ذلك منه.
[٤]المدى : الغاية والمنتهى.
نام کتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث نویسنده : العلامة المجلسي    جلد : 3  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست