يُشْدَهُ الذي يتأمَّل في لطيف صنع الرَّبِّ في خلقه كيف يتكامل
منظران في نظام الماء في الخلق، فهذا عذب فرات وذا ملح أُجاج، وكلاهما يوفران
للبشر ولسائر الكائنات فوائد، وهما متقاربان ومن دون أن يمتزجا. هنا يتساءل من
أُوتي فطرة سليمة ويقول: من ذا الذي قدَّر ثم دبَّر هذا الصُّنع اللطيف؟.
وهنا يأتي الجواب: هو ذلك الإله الذي أحاط علمًا وتقديرًا وتدبيرًا
بكل شيءسبحانه.
إنه هو دون سواه، ولا أحد علَّمه أو أعانه، وأنه لم يُمارس فيما
ابتدأه وابتدعه لُغُوبًا ولا علاجًا حتى يتعلَّم سبحانه بالتجربة. كلَّا؛ إنه:
2- الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ.
لقد خلق الماءين وابتدعهما من غير صورة مسبقة على شكلين وخاصيَّتين،
وكأن التثنية في الماء تُبيِّن حصرًا في عدده ونوعه.
3- هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ.
مفردة هَذَا، تستخدم
للتعريف فكأنها دعوة للانتباه. والعذب هو الحلو، والفرات هو المستساغ للشرب.