الهدف من سمعه وعقله، وعليه أن يُراجع منهجيته في التفكُّر.
وإن من أهم عوامل الضعف في المنهجية: أن الإنسان يفتش بين الموضوعات
ما يتناسب وهواه؛ مثل مُسبَّقاته الذهنية أو موروثاته الثقافية أو مصالحه الذاتية
أو حميَّاته وعصبيَّاته.
فمثلًا قد تكون من مُسبَّقات الذهن لإنسان ما؛ قاعدة الولاء المطلق
للحاكم وقناعته التامة بعدم الخروج على الحاكم وإن بغى عليه، وهو حين يصطدم
بالحقيقة السماوية القائلة: إِنْ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ[1]، أو قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ[2]،
فإنه إن لم يأخذ هاتين البصيرتين بعين الاهتمام، يكون- في واقع أمره- كمن لم يسمع
شيئًا ولم يعقل أمرًا. بمعنى أنه تعمَّد تجاهل الحقيقة. وهذا أمر يُحرّمه الله
تعالى ويُدينه أشد الإدانة، بل ويُعاقب عليه؛ لأنه قد صدر منه كفران عملي لما أنعم
الله تعالى عليه، من كرامة السمع والعقل، حتى هبط إلى مستوى المخلوقات الأدنى.
للوصول إلى الحق يسلك الإنسان أحد السبيلين: فإما أن يعقل بنفسه
ويستفيد من تجاربه أو مما أودعه الله في قلبه من ركائز المعرفة، وإما يستفيد من
تجارب الآخرين ويستمع إليهم. ولكن المشكلة عند هؤلاء فقدانهم لكلا السبيلين؛ فلا
هو يسمع من الآخرين سماعًا ينتفع به، ولا هو يعقل. ولكن لماذا؟.
لأنهم اختاروا العمى على الهدى، نتيجة تفضيلهم رغباتهم على عقولهم،
وأوهامهم على الحقائق.