الكيانات بقسط من التطور، ولكن سرعان ما وقعت في متاهات الفساد، فبعث
الله سبحانه رسلًا ليُنذروهم، ولكنهم أبوا إلَّا كفرًا وطغيانًا، رغم أن الله عز
وجل قد آتاهم من النعم ما مكَّنهم من بناء مساكنهم حتى في قمم الجبال وعلى سفوحها
وحول الينابيع وروافدها .. فما زادهم إلَّا نفورًا. فغضب الله عليهم، فصاروا
كأعجاز نخل خاوية.
ولقد تنبَّه العلم الحديث إلى هذه الحقيقة، ومدى العلاقة بين سلوك
الإنسان الطالح والصالح؛ وواقع الطبيعة. فإذا كانت الأرض عمومًا تغضب على من يكفر
بربها، فإنها تتحوَّل إلى مقام أمين لمن يُؤمن بربها. لاسيما وأن المُكذِّب بالله
يملأ البر والبحر فسادًا، على عكس المؤمن بالله حيث يسعى ليملأها عدلًا وقسطًا
وإعمارًا. وقد بيَّن ربنا تعالى هذه الحقيقة بقوله: ظَهَرَ
الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ[1].
بصائر وأحكام:
1- لقد بعث الله تعالى إلى الأمم التي نالت قسطًا من الحضارة رسلًا
يرشدونهم إلى الخير والصلاح وينهونهم عن الشر والفساد .. ولكنهم لما أبوا إلَّا
الكفر، غضب الله عليهم وأنزل عليهم عذابًا أليمًا؛ فاصبحوا كأعجاز نخل خاوية.
2- إن علينا أن ندرس آثار الأمم المنقرضة في ضوء بصائر الوحي
لتتحوَّل إلى عبر نافعة لنا.