responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : من هدى القرآن نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 4  صفحه : 466

في الآخرة فإنما يعاملهم لقاء ظلمهم لأنفسهم.

[72] (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا) غير الله سبحانه مسار الحديث، فبدل أن يقول مثلا (مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ ..) [الحاقة: 25]، قال (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى ..) ولو انه قال مثل ذلك لما وضحت صفتهم الرئيسية، وعلى كل حال فإن هناك صفة مميزة جعلت بعض الناس أصحاب يمين والبعض الآخر أصحاب شمال، وإن ذكر هذه الصفة في أحدهما يعني وجود عكسها في الآخر، فصفة أصحاب الشمال العمى، فإذا تكون صفة أصحاب اليمين الأبصار، ولعل العمى في القرآن يرادف اللاوعي.

إن الوعي في الحياة الدنيا هو ضمان السلامة في الآخرة، لأن الواعي لا يعمل إلا وفق تقدير وحكمة، فلذلك تقل نسبة أخطائه ومعاصيه، ومن لا يمتلك وعيا في الحياة الدنيا يحجزه عن المعاصي فهو في الآخرة أعمى عن النظر إلى رحمة الله، وكلمة (أَضَلُّ) اسم تفضيل على وزن افعل أي أشد ضلالا.

إن الله وفر الفرصة للإنسان للهداية، فإن هو لم يتقبلها، وكفر بالله، وتغافل عن دواعي الهداية في نفسه، فإنه لن يكون أقل عميا في الآخرة عما هو عليه في الدنيا، بل هو أضل سبيلا، ذلك لأن (الجزاء من جنس العمل) فمن أطفأ شعلة الهداية في نفسه، ولم يهتد إلى الصراط المستقيم، هكذا تكون عاقبته، وهكذا ينبغي أن يسعى البشر نحو الهداية في الدنيا حتى لا يحشر أعمى، ويبدو من الآية أن الشيطان يسعى من أجل حجب بصيرة البشر، وذلك بتضليله الذي عبرت عنه الآيات السابقة ب- (وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) [الإسراء: 64]. وعلى الإنسان أن يتحداه ولا يخضع لغروره، وأن يسعى نحو أسباب الهداية، ويتجاوز العقبات التي وضعها إبليس في طريقه. ذلك لأنه مسؤول عن إبقاء بصره سليما. ولا يجوز له أن يسمح لأحد أن يجعله أعمى.

الرسول يتحدى الضغوط

[73] وكل إنسان مسؤول عن بصيرته ألا يحجبها الشيطان، وعن هداه ألا ينحرف عنه تحت وطأة الضغوط، وهكذا كان الرسول يتحدى الضغوط التي يمارسها اتباع الشيطان لتغيير الرسالة. والتعبير القرآني بليغ في بيان مدى كثافة الضغوط التي يتعرض لها صاحب الهداية، حتى أنها تكاد تؤثر في الرجل العظيم الذي يصفه الإمام علي عليه السلام بقوله

(صَلِّ اللهُمَّ عَلَى الدَّلِيلِ إِلَيْكَ فِي اللَّيْلِ الأَلْيَلِ، وَالمَاسِكِ مِنْ أَسْبَابِكَ بِحَبْلِ الشَّرَفِ الأَطْوَلِ، وَالنَّاصِعِ الحَسَبِ فِي ذِرْوَةِ الكَاهِلِ الأَعْبَلِ، وَالثَّابِتِ القَدَمِ عَلَى زَحَالِيفِهَا فِي الزَّمَنِ الأَوَّلِ، وَعَلَى آلِهِ الأَخْيَار)[1].


[1] بحار الأنوار: ج 84، ص 339. من دعاء الصباح لأمير المؤمنين عليه السلام.

نام کتاب : من هدى القرآن نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 4  صفحه : 466
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست