كانت تعيش في أمن ظاهر وأمن قلبي، وهو أفضل درجات السلام، كما كانت
تعيش على رزقها ورزق ما حولها من القرى، وهذا أفضل درجات الرفاه ..
(فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ
الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) وعبر القرآن
عن وضعهم بعد الكفر بأنهم تخلفوا إلى أن اصبحوا يحيط بهم الجوع والخوف كما يحيط
بهم اللباس.
وقد لا تكون هذه القرية واحدة عبر التاريخ، فربما تشير الآية إلى
آلاف القرى التي تردت إلى هذا المستوى بسبب كفرها، وفي حديث مأثور يقص علينا قصة
واحدة من تلك القرى فيقول
[113] ولقد جاءهم رسول من أنفسهم يدعوهم
إلى الشكر، فلم يستجيبوا له حتى أخذهم الله بعذاب شديد ..
(وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ
الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) وفي نهاية هذا الدرس القرآني الكريم
ينبغي أن نطرح عدة نقاط هامة
ألف: إن قصة هذه القرية التي تتكرر عادة في كل عصر،
توحي إلينا بضرورة مواجهة المؤمن لضغط قد يكون أشد من ضغط الإرهاب، ذلك هو ضغط
الإغراء، فمع الرفاه والأمن يزداد شره النفس وشبقها، وبالتالي إحتمالات الغفلة عن
الله وعن حقوق الإيمان به.
وإذا كان عمار قد تعرض لإرهاب قريش ومعه أكثر أصحاب النبي صلى الله
عليه واله فتحدوا بإيمانهم ذلك الإرهاب العظيم، فإن بعض أصحاب النبي قد غرتهم
الدنيا بعد أن فتح الله عليهم، فأخذوا يخوضون في أموال المسلمين، وكما وصفهم
الإمام علي عليه السلام
(يَخْضَمُونَ مَالَ الله خِضْمَةَ الإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ)[2].