responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : من هدى القرآن نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 4  صفحه : 239

(الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ)، ولكن ليس جميع الناس يثقون بالكلام الذي فيه إنذار وبشارة، بل فقط الذين يخشون ربهم، ويتذكرون مقامه.

ولا يستمر النصر إلا باستمرار أسبابه، وهو الخوف من مقام الله وسمو جلاله، والخشية من وعيده وإنذاره‌ (ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ).

[15] وبثمن الخضوع التام لله، دفع الله اليهم هدية النصر، كما أن أعداءهم خابت ظنونهم وآمالهم وذهبت جهودهم سدى بسبب عنادهم، وكلما طلبوا الفتح أملا وعملا (وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) التجبر طلب علو المنزلة بما ليس له غاية في الوصف، وإذا وصف العبد بأنه جبار كان ذما، لأنه طلب للعلو لا لهدف بل للتعالي، ولإشباع نهم الاستعلاء بحق أو بغير حق، وهذا هو معنى العنيد، وهو الامتناع عن الحق باستمرار.

[16] والله يقابل عناد هؤلاء بجهنم تلهب أكبادهم عطشا، ولا يسقون إلا بماء كالقيح الذي يصدر من الجروح المتعفنة (مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ)، وقد يكون هذا القيح هو لعاب ألسنتهم المعاندة، التي لا تنطق إلا بالباطل.

[17] وهم يشربون الجرعة بعد الجرعة دون أن يجري ذلك في مريئهم بسهولة، ولكنهم يحاولون ذلك بسبب عطشهم الملتهب‌ (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ) ذلك أن الموت ينعدم في الدار الآخرة. (وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ) أي أمامه عذاب كثيف.

المنهج الالهي حصن الحضارة

[18] وأعمال هؤلاء تذهب عبثا، لأنها لا تجري مع سنن الله في الأرض، كمثل الذي يحث الخطى بعد أن ضل الطريق وتاه في الصحراء، فهل يبلغ هدفه؟!.

(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) أي يوم اشتدت الرياح فيه عصفا، منذ بدايته إلى نهايته، إن الرماد ينبث في الفضاء، بسبب عدم استقراره على أساس ثابت، وعدم وجوده في حصن منيع، كذلك العمل الذي لا ينبعث من أرض الإيمان الصادق، ولا يحصنه المنهاج السماوي‌ (لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْ‌ءٍ) بالرغم من أن أساس الكون قائم على أن للإنسان ما سعى، ولكن السعي الذي يتبع الهوى، ويخضع لضغط الطبيعة، ولشهوات الناس يكون كالرماد الذي تشتد به الريح لتجد كل جزء منه في اتجاه بينما السعي الذي يستقيم في الخط الصاعد، يستمر.

نام کتاب : من هدى القرآن نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 4  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست